أخبار جهويةأخبار محليةأخبار وطنية - دولية

الانسحاب الجماعي من “كنوبس”!

ميديا كوم ... جريدة إلكترونية ... شاملة - MEDIA COM ميديا كوم ... جريدة إلكترونية ... شاملة -  MEDIA COM

اسماعيل الحلوتي
على الرغم مما يجري من حديث حول تعميم التغطية الصحية، التي أثارت استحسان عشرات الآلاف من المواطنات والمواطنين، لكونها ستفسح المجال واسعا أمامهم من أجل الولوج السريع والسلس إلى العلاجات الطبية الضرورية ومراقبة صحتهم دوريا، مازال هناك عدد كبير من رواد الفضاء الأزرق وفي مقدمتهم الأشخاص المنخرطون في الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي “كنوبس”، يتداولون على نطاق واسع عبر صفحات التواصل الاجتماعي مشكل التأخر في تسوية ملفات المرض وهزالة التعويضات، مقارنة مع مؤسسات أخرى.
ففي هذا السياق، وبالنظر إلى حجم المعاناة التي بات هؤلاء المنخرطون من الموظفين والأجراء يتجرعون مرارتها وخاصة منهم نساء ورجال التعليم الممارسين والمتقاعدين، تم التفكير في إنشاء صفحة خاصة بهم على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، أصبحت اليوم بمثابة منبر إعلامي ذائع الصيت في الفضاء الأزرق يطرح من خلاله المتضررون وهم كثر أهم مشاكلهم وقضاياهم، ولاسيما ما يعترض ملفات المرض وطلبات التحمل من مماطلة وتلكؤ في معالجتها، ناهيكم عن تأخر التعويضات وضعف قيمتها مقارنة مع المصاريف الفعلية، سواء من قبل التعاضدية العامة للتربية الوطنية أو “الكنوبس”
ولمزيد من التوضيح لا بأس من إعطاء نموذج بسيط يخص شخصي المتواضع، وهو أنني في إطار المراقبة الصحية بعد إجراء عملية جراحية عن “ورم في المتانة”، تطلب مني الأمر أداء ما قدره 6665,90 درهم فيما لم أحصل منها عدا على 1582,33 درهم، والطامة الكبرى هو حدوث مضاعفات على بعد عشرة أيام فقط إثر نزيف حاد كلفتني الانتقال ليلا إلى إحدى مصحات الدار البيضاء، وهناك قضيت مكرها خمسة أيام بكلفة مالية قدرت ب”17739,16″ درهم في أواخر شهر فبراير 2024 لكن التعويض حدد فقط في مبلغ: 6147,46 درهم الذي لم أحصل عليه بعد رغم مرور أزيد من ثلاثة شهور. فأين نحن من القانون 19-55 الذي يتم بمقتضاه التعويض عن ملفات المرض داخل أجل أقصاه 60 يوما، ابتداء من تاريخ إيداع الملف؟ وكيف لمتقاعد مثلي يعاني من عدة أمراض مزمنة أن يكون قادرا على مواجهة مصاريف العلاج بهكذا تأخر مستفز وهزالة التعويضات؟
بيد أنه خلافا لما باتت تنادي به أعداد غفيرة من المؤمنين المتذمرين من سوء الخدمات وضعف التعويضات، الذين يبدون رغبة جامحة في الانسحاب الجماعي من الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي والبحث لهم عن مؤسسات أخرى للتأمين الصحي، ما زلت مصرا على مواصلة النضال بشتى أشكاله الحضارية سواء عبر المركزيات النقابية أو غيرها من الوسائل المتاحة، والعمل على فضح كل الممارسات الدنيئة من حيث إهمال ملفات المرض والاستخفاف بصحة وسلامة المواطنين. إذ أنه أصبح آخر هم الكثير من هؤلاء المنخرطين المستضعفين هو الذهاب إلى العيادات الطبية والمؤسسات الصحية الخاصة، في ظل ما أضحت تشهده الكشوفات والفحوصات والتحاليل وغيرها كثير من تسعيرات خيالية لدى عديد الأطباء والمصحات التي ترجح كفة الاغتناء الفاحش على حساب صحة المرضى من أبناء الطبقات الفقيرة والمتوسطة.
فكيف لا يلوح غالبية المؤمنين في ال”كنوبس” بورقة الانسحاب الجماعي، إزاء ارتفاع التسعيرة لدى الأطباء الأخصائيين، التي تنطلق ابتداء من 250 درهم وتصل أحيانا إلى حوالي 2000 درهم حسب نوع التخصص، ناهيكم عما يرافق ذلك من اختبارات وتحاليل وفحوصات بالأشعة والسكانير والرنين المغناطيسي وغيره كثير، مما يساهم في ارتفاع كلفة العلاج أمام ضيق ذات اليد وتدني القدرة الشرائية؟
ثم إن الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي وحده الذي لم يصادق على التعريفة الجديدة، على عكس وزارة الصحة والحماية الاجتماعية والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي والوكالة الوطنية للتأمين الصحي والقطاع الخاص. وفي هذا الصدد دخلت على الخط في أكثر من مناسبة الشبكة المغربية من أجل الحق في الصحة والحق في الحياة، للتأكيد على ما يتعرض له منخرطو “كنوبس” من إجحاف وهضم للحقوق، من خلال حصولهم على تعويضات عن العلاج لا ترقى إلى مستوى التعويضات القانونية، حيث أنهم يؤدون ثمن التشخيص والعلاج والاستشفاء حسب التعريفة المرجعية الجديدة، لكنهم يعوضون على أساس التعريفة المرجعية القديمة
وبالإضافة إلى ذلك يؤكد بعض المراقبين والمهتمين بالشأن الصحي في بلادنا أن ذات الصندوق يلحق ضررا ماديا كبيرا بالمنخرطين عند تطبيق مبدأ التعويض نفسه عن الأدوية، حيث أنه يلجأ إلى احتساب التعويضات بناء على سعر الدواء الجنيس. إذ أنه إذا ما اشترى المريض مثلا دواء أصليا بثمن 400 درهم، فإن الدواء الجنيس قد لا يتعدى ثمنه 100 درهم، أي أن المؤمن لدى الصندوق سيعوض على أساس 100 درهم فقط. وهو ما يجعل المواطنين المغاربة يتحملون قسطا كبيرا من نسبة مصاريف العلاج مقارنة مع شعوب دول أخرى.
من هنا وانطلاقا مما سلف ذكره، بات لزاما على الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي، إذا ما أراد الحفاظ على المؤمنين لديه من المنخرطين أن يصيخ السمع إلى نبضاتهم ومراعاة ظروفهم الصحية، ويعمل بكل جدية وروح وطنية صادقة على تصحيح الوضع القاتم وتجاوز الاختلالات القائمة، من خلال الحرص الشديد على تجويد خدماته، الرفع من التعويضات عن العلاج بما يتناسب والتعريفة الجديدة، والتسريع ما أمكن بوتيرة الاستفادة منها…

 

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock