أخبار جهويةأخبار محليةأخبار وطنية - دولية

هوية المغرب الإفريقية في الكتاب المدرسي ـ اللغة العربية والاجتماعيات ـ الحلقة 2

ميديا كوم ... جريدة إلكترونية ... شاملة - MEDIA COM ميديا كوم ... جريدة إلكترونية ... شاملة -  MEDIA COM

الفيلالي عبد الكريم
باحث من المغرب. وجدة.

أولا: اللغة العربية

باعتبار اللغة العربية لغة رسمية للبلاد ولغة التعليم، فإن تَلَقّي التلميذ المغربي لهذه المادة يكتسي أهمية كبيرة، فبعد تعلمها في المراحل الأولى تصير ناقلة للمعارف والثقافة ومن هنا تأتي أهمية البحث في كيفية تناول الكتاب المدرسي للغة العربية لمسألة الهوية الثقافية للمغرب وبخاصة الثقافة والهوية الإفريقية.
ونجد بالكتاب المدرسي بالمرحلة الابتدائية مبادئ عامة تنصّ على ضرورة احترام الهوية الثقافية للطفل، مثل: «وتنعكس هذه المفاهيم أيضا على اتفاقية حقوق الطفل التي تتضمن اتفاق الدول الأطراف على أن يكون تعليم الطفل موجها نحو تنمية شخصيته ومواهبه وقدراته العقلية والبدنية إلى أقصى إمكاناتها، مع احترام لغته وهويته الثقافية والقيم التي نشأ عليها، ليتحمل المسؤولية في مجتمع حر تسوده روح التفاهم والوطنية والتسامح والمساواة والصداقة»، كما تطرّقت بعض النصوص للتنوع الإثني للمغرب ولكيفية انصهاره في بوتقة واحدة، ورد في نص بعنوان: “أرض العبور والمَلاذِ”:
«يغطي المغرب مساحة في شمال غرب قارة مترامية الأطراف، ويتطلع للقاء أوروبا التي تتجه بدورها صوبه، وكأنهما قطبان خاضعان لجاذبية متبادلة، وبينهما، فيشكل بذلك بوابة القارة الإفريقية وحارستها المتيقظ.
(..)
ومنذ فجر تاريخه إلى تحرره من الحماية واستعادة استقلاله، ظل المغرب أرض العبور والملاذَ وملتقىً “لإثنيات” مختلفة تمازجت وتلاحمت فيه كبوتقة سحرية شكلت نسيجا إنسانيا واجتماعيا، فتنوّعت، بذلك، عاداته وممارساته واستطاعت البقاء وحافظت على خصوصيتها. ويعد أسلوب حياة المغربي تعبيرا يوميا عن حضارته القائمة على فضائل الكرامة والتسامح والانفتاح».

وبمرحلة الثانوي الإعدادي نجد نصا لمحمد الكتاني يقول فيه: «لكن علينا أن ندرك أن الاحتفاظ بهوياتنا الثقافية لا يأتي عفوا أو بدون جهد أو بدون تفعيل الهوية نفسها في الحفاظ على كيانها، وبالعمل على نشر إشعاع ثقافتنا، وتعميق قيمنا الروحية».
فتفعيل الهوية ينبغي أن يمر عبر الاعتراف بها ثم تأتي مرحلة التعريف والترسيخ.
وفي كتاب “المرجع في اللغة العربية” السنة الثانية من التعليم الثانوي الإعدادي ورد نص لعبد العزيز بن عبد الله يقول فيه: «إن المغرب عبارة عن بوتقة، انصهر فيها الفن البربري والفن الإغريقي الروماني، وازدادت على مرّ الأيام ثراءً بفضل ما أضافه إليها فن الشرق العربي والحضارة الإسلامية».
ففي هذا النص تغييب لمساهمة الفن الإفريقي في إثراء الفنون المغربية، ومن النصوص التي تجمل كل الروافد المكونة للثقافة المغربية نجد نصّاَ لمحمد العربي الخطابي، ومن الصدف أنه ورد في كتابين، الأول: “المرجع في اللغة العربية”، السنة الثانية من التعليم الثانوي الإعدادي. ص: 215.
والثاني “في رحاب اللغة العربية”، السنة الثانية من التعليم الثانوي الإعدادي. ص: 100، يقول محمد العربي الخطابي: «إن تراثنا الثقافي المغربي، المدون والمنقول بالسماع والمشاهدة، يتكون أساسا من الثقافة الإسلامية العربية المدونة في غالب الأحيان، ومن التراث الأمازيغي بعناصره المختلفة، وهو سماعي في الأعم، ومن ملامح التراث الإفريقي الزنجي».
وإذا كان بمرآة الكاتب المغربي شرْخ فلا يستطيع تصور ذاته على حقيقتها، ففي الكتاب المدرسي يجب انتخاب النصوص التي تصور الذات في مرآة مصقولة.

كما سبقت الإشارة تشكل مادة اللغة العربية أهمية كبيرة إذ لا تقتصر هذه المادة على تعليم مبادئ اللغة العربية من قواعد نحوية وصرفية وطرق التعبير، وإنما هي ناقلة للثقافة. ولما كان الكتاب المدرسي يعتمد على المجالات، ينبغي وضع تصور شامل لهذه المجالات خاصة في المرحلة الابتدائية ومرحلة الثانوي الإعدادي، فحتى لا نسقط في تكرار واجترار نفس المواضيع على مستوى الوحدة بين سنة وسنة لابد من وضع خطاطة لما يجب أن يعالج في كل سنة.
وكي يتضح الأمر في قضية تكرار المواضيع أورد أمثلة؛ ففي المجال الحضاري من كتاب “المختار في اللغة العربية” السنة الأولى من التعليم الثانوي الإعدادي. ورد نص: “الحاسوب” في الصفحة: 80، والنص نفسه نجده في كتاب “مرشدي في اللغة العربية” السنة الثانية من التعليم الثانوي الإعدادي. كما نجد تكرار الموضوع نفسه أحيانا، فقد ورد نص: “فن الخط العربي” في كتاب “المختار في اللغة العربية” السنة الأولى من التعليم الثانوي الإعدادي بالصفحة: 174، ضمن وحدة المجال الفني الثقافي، وفي إطار الوحدة نفسها جاء نص بعنوان: “عبقرية الخط العربي” من كتاب مرشدي في اللغة العربية” للسنة الثالثة من التعليم الثانوي الإعدادي، بالصفحة: 191.
وهذا لا يؤثر على المستوى المعرفي للتلميذ فحسب، بل يؤثر على نفسية المتعلم الذي لا يشعر أنه انتقل من سنة إلى أخرى، مما قد يخلق لديه نفورا من المادة بسبب الملل من تكرار المواضيع نفسها.
يتبع

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock