أخبار جهويةأخبار محليةأخبار وطنية - دولية

لا تسترخصوا صحتكم وصحة ذويكم!

ميديا كوم ... جريدة إلكترونية ... شاملة - MEDIA COM ميديا كوم ... جريدة إلكترونية ... شاملة -  MEDIA COM

اسماعيل الحلوتي
من بين ما يحز في النفس ويوجع القلب ونحن في القرن الواحد والعشرين، الذي عرف العالم خلاله ثورة تكنولوجية كبيرة وتطورات علمية رفيعة في اتجاه خدمة الإنسان على عدة أصعدة، وخاصة ما يتعلق بالجانب الصحي، أن نجد بعض الدول مازالت عاجزة عن تحسيس شعوبها بأهمية الصحة في الحياة وإيلائها ما تستحق من رعاية، باعتبارها حقا من حقوق الإنسان الأساسية، التي تقتضي تضافر جهود الجميع للحفاظ عليها، وجعل كل مواطن يتمتع بها جسديا وعقليا ونفسيا، دون أي شكل من أشكال التمييز بين الأشخاص.
فالصحة نعمة من نعم الله التي لا تقدر بأي ثمن، وهي كما يقول المثل “الصحة تاج على رؤوس الأصحاء، لا يراه إلا المرضى”، لكن الكثير من البشر يغفلون قيمتها بدعوى انشغالاتهم بهموم الحياة وغيرها من المبررات الواهية. وفي ذلك قال سيد الخلق النبي الكريم محمد عليه أفضل الصلاة والسلام: “نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس، الصحة والفراغ” أي أن هناك أعدادا غفيرة من الناس لا يدركون قيمة الصحة إلا بعد زوالها أو اعتلالها، لذا فالمرضى وحدهم هم أكثر من يقدرون هذه النعمة الربانية، التي جعلها سبحانه وتعالى أمانة في رقاب عباده.
وتجدر الإشارة هنا إلى أن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان تطرق عام 1948 إلى موضوع ضمان الصحة في الفقرة الأولى من المادة 25، حيث أكد على أن “لكل شخص الحق في مستوى معيشة يكفي لضمان الصحة له ولأسرته، ويشمل المأكل والملبس والمسكن والرعاية الطبية والخدمات الاجتماعية اللازمة، وله الحق في تأمين معيشته في حالات البطالة والمرض والعجز والترمل والشيخوخة، وغير ذلك من فقدان وسائل العيش نتيجة لظروف خارجة عن إرادته”. كما أن العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، يعتبر من الصكوك العالمية في الشرعية الدولية لحقوق الإنسان. وقد أقر في عام 1966 الحق في الصحة عبر مادته 12 بفقرتيها الأولى والثانية: حيث جاء في الفقرة الأولى: “تقر الدول الأطراف في العهد بحق كل إنسان في التمتع بأعلى مستوى من الصحة الجسمية والعقلية يمكن بلوغه” وتقول الفقرة الثانية: “تشمل التدابير التي يتعين على الدول الأطراف في هذا العهد اتخاذها لتأمين الممارسة الكاملة لهذا الحق…”
بيد أنه وبصرف النظر عما يعاني قطاع الصحة ببلادنا من اختلالات ونقائص كثيرة ومتعددة، إن على مستوى الحكامة الجيدة والتمويل الصحي أو النقص الصارخ في الموارد المالية والبشرية. وما يعرف كذلك من إكراهات مرتبطة أساسا بضعف البنيات التحتية الاستشفائية وغياب العدالة في توزيعها، بالإضافة إلى التفاوتات الجغرافية والاجتماعية وقلة التجهيزات الضرورية لضمان جودة الخدمات الطبية وغيرها، مما أدى إلى استمرار المغرب في مراتب متدنية ومخجلة فيما يتعلق بمؤشر الولوج إلى الخدمات الصحية وجودتها، حيث تظل الاستفادة من العلاج صعبة المنال بالنسبة للطبقات الفقيرة والمتوسطة، وخاصة في البوادي والقرى النائية، ناهيكم عن الكلفة المرتفعة…
فإن هناك كذلك غياب الثقافة الصحية لدى الكثيرين، إذ رغم ما أحرزته العلوم من تقدم لافت في العقود الأخيرة وخاصة منها علوم الصحة، التي تعتمد عليها العديد من البلدان المتقدمة في التعريف بكل ما يتعلق بالحفاظ على صحة المواطنين وحسن الاهتمام بصحة البيئة المحيطة بهم، سعيا منها إلى تحقيق نمو المجتمع والازدهار المنشود، مازال المغاربة عاجزين عن التخلص من عديد الأفكار والسلوكيات الخاطئة، وفي هذا الإطار نستحضر تلك العادات السيئة التي أضحت ترافقنا، والمتمثلة أساسا في الإقبال الكبير على الوجبات التقليدية والسريعة في الشارع العام، وجلب البعض منها إلى بيوتنا لأهلنا وأطفالنا، غير عابئين بطبيعة ما يقدم لنا من أكلات تفتقر إلى نظافة محتوياتها وتتعرض للاختمار تحت الشمس، علما أنه طالما أصيب الكثيرون منا إما بإسهال حاد أو بتسممات خطيرة بسببها.
والأخطر من ذلك، هو ما بتنا نسجله خلال أيام “العيد الكبير” الأولى من تهافت فئات من الساكنة البيضاوية بوجه خاص على اقتناء كميات من اللحوم المعروضة في أكياس بلاستيكية بالأسواق الشعبية وعلى جنبات الطريق بأثمنة جد بخسة، رغم أنها قد تنعكس سلبا على صحة وسلامة المقبلين عليها من فرط تعرضها للشمس ساعات طويلة. وهي تلك الكميات التي يحصل عليها المتسولون من المعتادين على استغلال مناسبة عيد الأضحى وتحويلها إلى فرصة ذهبية للحصول على أكبر قدر ممكن من الدراهم.
إنه فضلا عما تشكو المنظومة الصحية ببلادنا من نقائص وإشكالات وغياب ثقافة صحية لدى المغاربة، لا يمكن أن ننكر ما يبذل من جهود مضنية خلال السنوات الأخيرة وخاصة بعد تفشي جائحة كورونا في اتجاه النهوض بالقطاع وتطوير الخدمات الطبية، ولاسيما أن الملك محمد السادس جعل الصحة من بين أولويات السياسات الحكومية، ولم ينفك يقدم توجيهاته السامية الرامية إلى تلبية حاجيات المواطنين، الذين يتعين عليهم بدورهم القيام بما يلزم من نظافة مستمرة وحرص شديد على الوقاية من مختلف الأمراض المعدية وغيرها…

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock