أخبار جهويةأخبار محليةأخبار وطنية - دولية

الوحش الأسود، في قلب الشقراء

ميديا كوم ... جريدة إلكترونية ... شاملة - MEDIA COM ميديا كوم ... جريدة إلكترونية ... شاملة -  MEDIA COM

رمضان مصباح الادريسي

المعذبون في الأرض:

اتسعت دائرة أصدقاء فرونسواز وطارق، بانضمام طلبة فرنسيين ،جزائريين ،تونسيين ،مغاربة وسينغاليين؛ وفي جلسة سمر بأحد مقاهي الحي الجامعي، قال الطالب الجزائري عبد القادر مازحا:
لا ينقصنا الآن غير دوغول و ابن باديس والأمير عبد القادر.
ويكمل أحد المغاربة :طبعا مع عبد الكريم الخطابي وموحا وحمو الزياني وعسو أو بسلام.
يضحك الجميع ،خصوصا حينما أصر أحد السينغاليين على ضرورة حضور ليوبولد سيدار سنغور أيضا.
كانت هذه الأسماء، وغيرها، كثيرا ما ترد في محاضرات الدكتورة كلودين عن تاريخ الكولونيا لية ؛وعليه فهي لم تحضر صدفة فقط على لسان شباب لا وشائج قوية تربط بينهم وبين مشاهير التاريخ الكولونيا لي ،من المستعمرين والمستسلمين والثوار.
شباب أصبحت جذوره ضاربة في الفيسبوك وأخواته، أكثر من تاريخ وطنه؛ وربما حتى أسرته.
هه فرونسواز،يقول أحدهم، لم تقولي لنا رأيك ؛من تفضلين أن يكون حاضرا بيننا الآن؟
تجيب وقد قطبت جبينها:
لا أفضل أن أكون في صف المارشال ليوطي هذا أكيد ؛أما عن الشخص فلن يكون غير الكاتب الفرنسي الدومنيكي “فرانز فانون” وهو يحمل كتابه :”المعذبون في الأرض”.
ثم تتساءل ،موزعة نظراتها على الجميع:من منكم يعرف هذا الكاتب ،وهل قرأتم الكتاب؟
ولما تيقنت ألا أحد يعرفه ولا قرأ له قالت:
طبعا لأنكم لم تقرؤوا غير تاريخ الأقوياء ، كما كتبوه ،وكما علموه لكم.
يضحك طارق وهو يربت على كتفها؛ها هي مشاغبتنا تحول عبث الشباب إلى نقاش جدي.
تواصل: من لم يقرأ الكتاب المذكور ،و كتاب”استعمار يحتضر” ،ل “فانون” فلن يفهم أبدا كيف كان الوحش الأسود يتحرك في قلب الكولونيالية الشقراء.
من أقواله الشهيرة ،تقول فرونسواز:” ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة”.
يعلق عبد القادر:
دعونا من هذا الآن،لقد انتهى ذلك التاريخ،وعاد كل نهر إلى مجراه.
وهل استعدنا تاريخنا فعلا ،وكتبناه كما يجب أن يكتب، تتساءل فرونسواز؟
ولمَّا لم تلمس أي بوادر إجابة علقت: طبعا لأن دهاقنة الاستعمار خلفوا وراءهم دهاقنة الاستقلال، ليكتبوا بدورهم التاريخ الذي يحبون.

نعم ،لومومبا.. ماذا تطلبين؟

يحضر النادل، الإفريقي السحنة، لتسجيل الطلبات ،وعلى صدره “بادج” به اسمه.
تقرأ فرونسواز بصوت مرتفع : لومومبا.
نعم آنستي ماذا تطلبين؟
التاريخ الحقيقي يا لومومبا؛هذا ما أشتهي.
يضحك الجميع ،بمن فيهم النادل ،وهو لايفهم السبب.
أما فرونسواز فصاحت :
سيداتي سادتي ،الطائرة العمودية القادمة من جامعة “بواتيي” تحط في الكونغو، وقرب الشجرة التي شهدت مقتل باتريس لومومبا ،من طرف إرهاب الاستعمار البلجيكي سنة1961.
ألم أقل لكم إن التاريخ حي دائما؛ يصحح وقفته نعم، لكنه لا يموت؟
صديقي طارق هنا من أجل التاريخ،وأنتم كلكم ؛وفي خدمتكم “لومومبا”.
أليس هذا رائعا؟
يا لها من صدف.

ريتشارد قلب الحمل:

يلكز طارق فرونسواز ويقول:
انظري من القادم صوب المقهى؟
لم تقنع بالنظر فقط بل وقفت وألقت بالتحية العسكرية وهي تقول:
مرحبا مرحبا بالكولونيل ،يكمل هو : ريتشارد قلب الحمل.
يضحكون ويرحبون جميعا بمن اعتقدوه جد فرونسواز.
يصحح طارق وهو يقدم الكولونيل:
معكم شاهد إثبات آخر على أن التاريخ سيظل يمشي بيننا ،وان تبدلت تأويلاته.
يمازح الكولونيل جماعة الشباب ،ثم يخاطب فرونسواز:
لقد اتقيت للتو بالدكتورة كلودين بمكتبها، في أمر هام ؛وأنا أهم بالمغادرة تناهى إلى سمعي الثقيل اسم “باتريس لومومبا”.
أين هو أريد أن أعانق روحه؟
نعم سيدي يقول النادل:ماذا تريد أن تشرب؟

حينما لعلع ضحك الشباب هذه المرة ،التفت كل من في المقهى من الطلبة ،ومنهم من وقف وطفق ينظر إلى ريتشارد بفضول كبير.
أما هو فأشار محييا الجميع وهو يردد:عجبا عجبا ،ها قد عدت بي يا شارل إلى الجامعة أيضا ؛و إلى شبابي.
هو إذن أنتَ ؟
لقد فكرت فيكَ حينما سمعت والدي يتحدث عن اجتماع له بثكنة مشاة البحرية.
آه يا آنستي لا تضيفي شيئا؛ الآن فقط فهمت لماذا أكد لي السيد المدير أنه سيلقي بكما إلى المستقبل،أنت وزميلك.
لقد حدثتهم عما جرى بالحديقة.
يعتذر رتشارد للنادل ،ثم يودع الجميع منشرحا ؛ وهو ينصرف يؤكد لطارق أن ما وعدهما به لايزال قائما.
عما قريب ،يرد طارق.
طيب، يقول عبد القادر لفرونسواز وطارق ،وهو يعكس رأي باقي الأفراد:
لم نفهم شيئا من كلامكما مع الكولونيل العجوز؛فهل من توضيحات؟
لا عليك إن لم تفهم، فالأمر خاص ؛انه من معارف والدي والدكتورة كلودين، كما سمعت.
وحينما يجتمع هؤلاء الثلاثة فثمة شيء مهم يشغلهم.
لننصرف الآن يا جماعة ،تقول فرونسواز، ولحديث التاريخ بقية.
وهما ينصرفان تتأبط ذراع طارق ،وتضغط قليلا عليها، وهي تلتحم به طلبا للدفء.
أما هو فيفرك راحتي يديه لينقل دفأهما إلى وجنتين باردتين وناعمتين .
ويمضيان وسط الظلام ،ورذاذ مطر خفيف يداعب وجهيهما.
آه يا طارق كم تتراقص في قلبي رغم جفائك أحيانا.
يضحك ويتساءل: فرونسواز ،كيف حال ما بذرناه في الصداقة؟
آه منك، ألم تصلك بعد الإجابة؟ لقد أينع وحان قطافه.
لا لا اصبري ،وعند الصباح يحمد القوم السرى ،كما نقول.
ثم يفترقان ،وما افترقا.

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock