أخبار جهويةأخبار محليةأخبار وطنية - دولية

هل تحول أخنوش إلى “سوبرمان”؟ 

ميديا كوم ... جريدة إلكترونية ... شاملة - MEDIA COM ميديا كوم ... جريدة إلكترونية ... شاملة -  MEDIA COM

اسماعيل الحلوتي
اليوم فقط وبعد انتخابه رئيسا لمجلس جماعة “عاصمة سوس” إلى جانب كونه رئيس الحكومة المعين من قبل ملك البلاد محمد السادس في 10 شتنبر 2021 طبقا للفصل 47 من الدستور، تبين لنا أن عزيز أخنوش رئيس حزب التجمع الوطني للأحرار المتصدر لنتائج الانتخابات التشريعية التي جرت في الثامن من شتنبر 2021 ب”102″ مقعدا. ربما يكون قد تحول فعلا إلى “سوبرمان” كما سبق أن وصفه بذلك بعض نشطاء الفضاء الأزرق عام 2019، عندما طالب آنذاك بإعادة تربية المغاربة من خلال مقطع فيديو تم تداوله على نطاق واسع عبر مواقع التواصل الاجتماعي، متسائلين إن كان الرجل يعتبر نفسه فوق المؤسسات ويروج خطابات بئيسة، تنم عن جهله التام بقواعد العمل السياسي النبيل.
إذ لم يسبق للمغاربة قط وخاصة منهم المهتمين بالشأن السياسي، أن عايشوا مثل هذه الواقعة الفريدة من نوعها، والمتمثلة في الجمع بين رئاسة الحكومة ورئاسة مجلس جماعة، مما أثار الكثير من الجدل القانوني وطرح عدة استفهامات حول هذا التداخل العسير على الفهم والهضم أيضا في مغرب اليوم. وعن مدى قدرة الإنسان أي إنسان وليس أخنوش وحده على التوفيق بين المهمتين، اللتين تتطلب الواحدة منهما تفرغا كاملا ويزيد، قصد القيام بالواجب في أحسن الظروف وعلى الوجه المطلوب، والعمل على تلبية مطالب المواطنات والمواطنين وإيجاد الحلول المناسبة لأهم الإشكالات المطروحة بحدة، لاسيما أن الجماهير الشعبية تراهن كثيرا على أن تنسيها الولاية الحالية ما تجرعته من مرارة خلال الولايتين المشؤومتين السالفتين.
فرئيس الحكومة المعين والمكلف بتشكيل التحالف الحكومي عزيز أخنوش، بمجرد ما أن كشف رسميا يوم الأربعاء 22 شتنبر 2021 في ندوة صحفية عن هوية التحالف الحكومي الذي سيقود الحكومة في المرحلة المقبلة، والمتكون بالإضافة إلى حزبه من الحزبين الثاني والثالث: حزب الأصالة والمعاصرة “86” مقعدا وحزب الاستقلال “81” مقعدا، حتى انتخب يوم الجمعة 24 شتنبر 2021 رئيسا لمجلس جماعة أكادير دون أن ينافسه على المنصب مرشح آخر، إذ حصل على 56 صوتا من أصل 61 يشكلون المجلس الجماعي مع امتناع خمسة منتخبين عن التصويت، وجاء نوابه الخمسة الأوائل من حزبه. أليس بين الخمسة نواب حزبه مؤهل واحد لشغل منصب الرئاسة مكانه؟ وهل يملك أخنوش من الجهد والوقت ما يكفي في التدبير الحكومي الجيد، وهو يعرف أكثر من غيره الإرث الثقيل الذي خلفته الحكومتان السابقتان، وحجم انتظارات المغاربة، وما تقتضيه هذه المرحلة الحاسمة من قرارات جريئة وأكثر قربا لحاجيات المواطنين، خاصة ما يرتبط منها بالشغل والتعليم والصحة ومحاربة الفساد والمفسدين؟
إذ بعيدا عن كون القانون لا يمنع أخنوش من الجمع بين رئاسة الحكومة وقيادة مجلس جماعة، حيث أنه وحسب مضمون المادة 32 من القانون المتعلق بتنظيم وتسيير أشغال الحكومة والوضع القانوني لأعضائها، فإنه ليس هناك أي تناف بين الوظيفة الحكومية ورئاسة مجلس الجماعة. وأنه في إطار المادة القانونية ذاتها، “يرتبط التنافي بالجمع بين رئاسة الحكومة ورئاسة الجهة، والوضعية في البرلمان والحكومة”. وهو ما لا يطرح أي إشكالات قانونية ودستورية في حالة أخنوش، الذي يبدو أنه استعد لذلك جيدا حين فضل الترشح وكيلا للائحة في الانتخابات الجماعية بدل الانتخابات التشريعية. فحسب النص القانوني السالف الذكر، تقول المادة 13 منه في الفقرة الثانية، بأن العضوية في مجلس النواب تتنافى مع رئاسة جهة ومع رئاسة مجلس جماعة أو إقليم، ومع رئاسة مجلس كل جماعة يتجاوز عدد سكانها 300 ألف نسمة.
فإن الكثير من المواطنين وحتى المراقبين أنفسهم يتساءلون باستغراب شديد حول ما إذا كان بمقدور أخنوش الوفاء بالتزاماته وتحقيق النجاح في قيادة الحكومة، وفي ذات الوقت تدبير جماعة العاصمة السوسية دون أن تتأثر أي واحدة منهما على حساب الأخرى إن لم يخفق فيهما معا؟ ثم إن هناك نقاشا واسعا حول مدى قدرته على تنفيذ برنامج حزبه الانتخابي الزاخر بالوعود في عديد المجالات، ولعل من أبرزها توفير فرص الشغل للعاطلين من ذوي الشهادات العليا، الضمان الاجتماعي لكافة العاملين، وتمكينهم بمن فيهم الممارسين في القطاع غير المهيكل من حق الاستفادة من المعاش، وإحداث ما أسماه “مدخول الكرامة” لفائدة المسنين فوق 65 سنة بقيمة ألف درهم في أفق 2026، الرفع من أجور المدرسين إلى 7500 درهم كأجرة صافية عند بداية مسارهم المهني، مضاعفة ميزانية الصحة ومراجعة تعويضات الأطباء، إحداث أربعة مراكز استشفائية جامعية جديدة وما إلى ذلك من الوعود والالتزامات. فضلا عن الحاجة إلى تشجيع الاستثمار، الحد من معدلات الفقر والهشاشة والفوارق الاجتماعية وتحسين الدخل والاهتمام بأوضاع المتقاعدين والأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة والقطاعات المتضررة من تداعيات “كوفيد -19″…
إننا لا نهدف إلى تثبيط عزيمة أخنوش ولا إطفاء جذوة الحماس بداخله، بقدر ما نريد التنبيه إلى مثل هذه الهفوات في الجمع بين رئاسة الحكومة ورئاسة مجلس جماعة، التي لا يقبل بها المنطق في ظل تعدد المشاكل وغياب الحكامة الجيدة، لما لذلك من نتائج عكسية لا تخدم المصلحة العليا للوطن وأبنائه. وندعو بهذه المناسبة إلى تجاوز الاختلالات القائمة والانكباب على مراجعة القانون التنظيمي للعمل الحكومي والتدبير المحلي، بما من شأنه تعزيز قيم النجاعة والفعالية، وإعادة الثقة للمواطنين في المؤسسات المنتخبة.

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock