أخبار جهويةأخبار محليةأخبار وطنية - دولية

ماذا لو ترحمون تلامذتنا بإزاحة بنموسى؟!

ميديا كوم ... جريدة إلكترونية ... شاملة - MEDIA COM ميديا كوم ... جريدة إلكترونية ... شاملة -  MEDIA COM

اسماعيل الحلوتي
ليسوا وحدهم المواطنون المغاربة من يتابعون بقلق شديد وأيديهم على قلوبهم ما باتت تشهده الساحة التعليمية ببلادنا من غليان متصاعد، بل تقاسهم في ذلك شعوب بلدان شقيقة وصديقة عربية وأجنبية، خوفا من أن يستمر ما لا يقل عن ثمانية ملايين من التلميذات والتلاميذ محرومين من حقهم الدستوري في التعليم، وما يمكن أن يترتب عن ذلك من عواقب وخيمة على المجتمع.
ويأتي ذلك على خلفية مصادقة المجلس الحكومي المنعقد يوم الأربعاء 27 شتنبر 2023 على المرسوم رقم: 819.23.2 المتعلق بالنظام الأساسي الخاص بموظفي قطاع التربية الوطنية، الذي جاء محبطا ومستفزا جراء عدم الاستجابة لانتظارات الشغيلة التعليمية، فضلا عن إثقال كاهل هيئة التدريس بمهام إضافية دون تعويض وتطويقها بعديد العقوبات الزجرية غير المسبوقة، فأشعل فتيل الاحتجاجات والإضرابات المتوالية، التي شلت مؤسسات التعليم العمومي في كافة أرجاء الوطن، وتسببت في هدر آلاف الحصص الدراسية لأعداد غفيرة من المتعلمين، في الوقت الذي يتابع فيه تلاميذ التعليم الخصوصي دراستهم في أجواء طبيعية وهادئة، مما يضرب في العمق مبدأ تكافؤ الفرص بين أبناء الشعب، الذي طالما نادى عاهل البلاد محمد السادس بضرورة احترامه في عديد المناسبات.
فما يحز في النفس ويدمي العين قبل القلب، هو أن يتمادى في غيه وعناده وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة شكيب بنموس، الذي هو نفسه مهندس النموذج التنموي الجديد والنظام الأساسي المثير للجدل، حيث يأبى إلا أن يظل متمسكا بنظامه المشؤوم وكأنه قرآن لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، ضاربا عرض الحائط ليس فقط باحتجاجات الشغيلة التعليمية والأسر المغربية، التي ترفض بقوة أن يتواصل هدر زمن التعلمات لبناتها وأبنائها، من خلال مسلسل الإضرابات المستمرة على مدى حوالي شهرين، بل ولما لذلك من تداعيات من شأنها أن تهدد السلم الاجتماعي وتؤدي إلى انفجار الأوضاع، لاسيما في ظل ارتفاع منسوب التوتر الاجتماعي بسبب غلاء الأسعار وارتفاع معدلات الفقر والبطالة وتفشي الفساد وغيره من المظاهر السلبية، التي تحول دون تحقيق التنمية والتوزيع العادل للثروة.
ولأن الأمر تفاقم بشكل لافت وخوفا من أن تتطور الأحداث فيما لا تحمد عقباه، دخل على الخط رئيس الحكومة عزيز أخنوش وإن بشكل متأخر، وأخذ زمام المبادرة في محاولة إخماد نيران الغضب الشعبي، حيث عمل على عقد اجتماع يوم الإثنين 30 أكتوبر 2023 مع ممثلي النقابات التعليمية الموقعة على محضر اتفاق 14 يناير 2023 في حضور كل من وزير التربية الوطنية ووزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والشغل والكفاءات يونس السكوري، وأبدى موافقته المبدئية على تجويد مضامين النظام الأساسي وإيجاد الحلول الملائمة لتجاوز الخلافات القائمة.
ثم حدث أن استبعد رئيس الحكومة فيما بعد الوزير شكيب بنموسى عبر تكليف الوزير يونس السكوري بعقد جلسة استماع مع ذات النقابات، التي تمت بالفعل يوم الجمعة 3 نونبر 2023، وذهب إلى حد تكوين لجنة وزارية ثلاثية من الوزيرين بنموسى والسكوري والوزير المنتدب المكلف بالميزانية فوزي لقجع لمعالجة الإشكاليات المرتبطة بالنظام الأساسي، مادام الملف ثقيلا ويبدو أكبر من أن يحمله بنموسى لوحده، حيث أنها سارعت إلى الاجتماع بالنقابات التعليمية الأربع يوم الخميس 30 نونبر 2023 من أجل بحث سبل ما تم الاتفاق عليه يوم الأثنين 27 نونبر 2023 خلال لقائها مع رئيس الحكومة، ويتعلق الأمر بتجميد النظام الأساسي، تعليق الاقتطاع من أجور الأساتذة المضربين وتحسين دخل الشغيلة التعليمية.
ولم يقف الأمر عند هذا الحد من التخبط والارتباك، فقد دخلت على خط الملف المتعثر وزارة الداخلية، وأمسك ولاة المملكة بخيطه في إطار اختصاصاتهم وصلاحياتهم القانونية، مما أدى إلى امتعاض وتذمر عدد من نساء ورجال التعليم، الذين يرون أن مثل هذا التدخل لن يساهم عدا في تعقيد الوضع وتفاقمه، وسيعمق حالة الإحباط في صفوفهم، واستمرار الوزير الوصي في الخبط العشوائي واللجوء إلى الحلول الترقيعية التي لن تجدي نفعا في تجاوز الأزمة القائمة، إذ لا يعقل أن يتم تصحيح الأخطاء المقترفة بما هو أكثر فداحة، ومن شأنه الزج بالقطاع في نفق مظلم، والحال أن إنقاذ السنة الدراسية يكمن في توفر الإرادة السياسية الحقيقية لدى المسؤولين المباشرين، من خلال التعجيل بتلبية المطالب العادلة للشغيلة التعليمية.
إن النظام الأساسي الجديد الخاص بموظفي قطاع التربية الوطنية، أو ما بات يطلق عليه اليوم في الوسط التعليمي “نظام المآسي”، لم يعمل سوى على توحيد صفوف نساء ورجال التعليم بمختلف فئاتهم، وإشعال فتيل الإضرابات التي شلت مؤسسات التعليم العمومي لحوالي شهرين كاملين. والأهم من ذلك أنه كشف عن تراجع دور النقابات التعليمية أمام زخم التنسيقيات، وضعف مهندسه شكيب بنموسى الذي بدا واضحا أنه غير أهل لتدبير الشأن التعليمي، وصار لزاما عليه التعجيل بالرحيل مهما كانت مخرجات اللجنة الحكومية مع النقابات في صالح الشغيلة التعليمية، رحمة بأزيد من سبعة ملايين تلميذ و300 ألف موظف.

 

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock