أخبار جهويةأخبار محليةأخبار وطنية - دولية

أمحمد المحمدي: مهارة موهوبة، بفن عالي الأداء..

ميديا كوم ... جريدة إلكترونية ... شاملة - MEDIA COM ميديا كوم ... جريدة إلكترونية ... شاملة -  MEDIA COM

بلقاسم سداين


أمحمد المحمدي هو أكبرُ من فنّان موهوبٍ يجمعُ بين فنّ الموسيقَى، والتّشكيل. فيخلقُ منهما عالماً خاصّاً به، وإِنتاجاً فنيّاً يُبرر من خلاله السّيد المحمدي ألوانَهُ، ومهاراتِه الحيّة النّابضةِ في قلبِ الحركة الفنيّة بالمغرب..ويمتازُ كذلك برؤيةٍ فنّيّةٍ تستندُ إلى تعاملٍ تلقائِي مع الواقع الخاصّ للبيئةِ الّتي عاشَ، ويعيش لهَا..وفِيها..إنّها رؤية جماليّة، تتناولُ عالمَهُ بنظرة فيلسوفٍ شعبي معبراً عن هويّته الثّقافيّة، والوطنيّة، متفاعلاً مع الواقع الاِجتماعي وفق اِختياراته الذّاتية..فجاءت مواضيعُهُ تنبضُ بالحياة، ومُحافظة على الهوية الوطنيّة في مواجهة الحضورِ لكلِّ دخيلٍ، من خلالها يفجّرُ منابعه الذّاتية، ويوجّهُ اهتماماته إلى القيمِ التّشكيليةِ المحلية. وهو المنتمي إلى بنية مكانيّة غنيّة بالموروث الشّعبي، والمليئة بالعناصر الفنيّة. وهي منطلقات أهّلته لامتلاكِ ذاكرة بصريّة لرسمِ التّفاصيل من هذهِ الذاكرةِ، ومتمكناً من حرفته. فهذا الجوّ الفنّي، وهذا المحيط بلور وعيه، وفتح مدركاته..وجعلهُ يمتازُ بحسٍّ مرهف يُترجم تعلّقه بالقيم الجماليّة، والعاطفيّة للحياة التّقليدية، والثّقافة الشّعبية فتعكسُ أعمالُه اهتمامات متنوعةً:


أحلام ٌذاتيّة، صورٌ عن الواقع الاِجتماعي، الحنينُ إلى المدينة القديمة، الاِحتفالات والمناسبات، وبالحياة العائلية أيضاً..
ونحنُ نستعرضُ لوحاتِهِ نجدُ أنفسنا أمام مهارة عالية، وفن عالي في أدائه..ونحن نتابع أعمالهَ ايضاً نجد أنفسنا نتجاوز فهمنا السّطحي للعمل الفني لأن العمل يحمل أصالة فنية، فنخرجُ من مساحة لوحاته، ونحن نتنشّق جهداً فنياً، وفكرياً لأنّه يقّدم لوحاته بأسلوب شفّاف يخترقُ السّطح المرئي ليكشف أعماق المشهد، سواءً كان هذا المشهد طبيعياً أو وُجُوهِياً..ويحوّل كذلك أيّ نأمَة مشهداً فنياً رائعاً، منطلقاً في في فنّه من مواقفَ فكريةٍ يُؤمن بها، ومن معتقداته أيضاً،، فجاء الشّكل مستجيباً صريحاً لذلك..وجاءت أعماله التخطيطية ملونة بألوان مغربية، ورموز عربية إسلامية تراثيّة..وبالتّالي جمعت هذه الأعمال الفنية بين الرؤية المحلية، والبعد العربي الإسلامي، فاستلهمت أعماله موتيفات وعناصر إسلاميّة اعتبرها الفنّان السّيد المحمدي ركيزة لتحليل مشاهده، وإعادة بنائها كالهلال، والزّخاريف الفلكلورية، العمائر، واستخدامه كذلك للرّموز الّتي لها دلالات شعبيّة(….) وغيرها من الرموز الّتي ظلّت متواترة (كالمدينة القديمة، الطبيعة الصّامتة) فيقدّمها بأسلوب تصويري أصيل مُستوحى من تراث فنّي عربي إسلامي يمتازُ برهافة الخطوط، وتمازج الألون، واختلاطها، فيشحنُ هذه الخطوطَ المنسابة بقوّة التعبير..ويشحنها بالحياة، والحركة..فينقل إلينا مشاهدَ ملونةً أصيلةً مستوحاة من دروب المدينة العتيقة، وازقّتها، وعادات أهلها، وحياتهم اليوميّة في محاولة تربط أعماله بالبيئة التقليدية، و بالمخزون الحضاري العريق، والتقاليد المميزة، وأنماط السّلوك البشريّة التي تصوّر عمق الإنتماء إلى مجتمعه..


لوحات الفنان إذن مشاهد طافحة بالحيوية، وبالبساطة الخطية، واللونية..فأحياناً نجدهُ يرسمُ طبيعةً صامتةً قويةً بالأوان، وأحياً أخرى يرسمُ مشاهدَ طافحةً بالحيويّة فتتفاعل المساحات اللونية في تصادم لهذه الألوان، وأحياناً أخرى تتناغم وتتجانس، وأحايين أخرى عدم تطابقها الفعلي مع الواقع فيشحن اعماله بزخم لوني فيبالغ أحيانا في درجات بعض الالوان، ويركز في بعض لوحاته على المعالجة اللّونية المتجانسة المُعتمدةِ على صفاء اللّون، ونقائه، وصراحته..وهو بذلك يطوّر تقنياته، ورؤيته الشّكليّة فيمارسُ على المشاهدِ تأثيراً قوياً كمرجعية اِنتماء على فنه، واكتسبت حضوراً مركزباً في عمله، في تعامل تلقائي وعفوي مع الألوان والأشكال. أو باستعماله أحياناً أخرى دلالات رمزية للألوان التي تقترب من الحسّ الصّوفي..
فَيسيطرُ على بعض أعماله المجاز، والرّمز، وتتميّز بالنّضج، والتّصوير العفوي الّذي يُظهر علاقته غير المتوتّرة مع حياته..تبرزُ فيها مادّة دسمة للألوان كمنطلقٍ أساسي في بناء لوحاته الّتي لها قدرة على إدخالنا في عالم الرّعشة، والمتعة فنتٱلفُ معها وننتقل عبرها من رعشةٍ إلى رعشات أخرى جديدة، وهو يُعبّر عن عالم هادئ من المناظر الطبيعية، ومشاهد يلفّها الصّمت أحياناً، أو يُحوّل السّاكن إلى متحرّك مستعيناً بصخب مادّة لونيّة ثريّة (فاتحة، غامقة، داكنة، ترابيّة، رماديّة، صريحة، صافيّة، بهيجة، اللاّزوردي، النّيلي، الزّمردي..).
وقد يتربّع لونٌ عرشَ لوحةٍ ما..كاللون التّرابي الدّاكن الّذي يعطي اِنطباعاً بالعمقِ المكاني..
وقد تدخلُ بعضُ الألوان في لوحاته بشكل تسلّلي لخلق توازن مع ألوان مجاورة. وقد تبدُو هذه الألوانُ دخيلةً، وغريبةً لأنّ اللّون لا يمكنُه في لوحاته أن ينسجمَ مع ذاته فقط. بل هو يقبل اللّون الٱخر في إطار تكملة الألوان لبعضها البعض، إنه التكامل والإكتمال..
مما يجعلها لوحات تحتاجُ إلى تحليل لونِي، وتحليل الشّكل بخطوطه، وزواياه، وتحتاج إلى تحليل حركيتها، ومدى قدرة اللّون على التّفاعل مع التّضادات اللّونية الأخرى تضاد زمني..ومدى دخول الزّمن في هيكلية اللوحة، وعالمها مادام أن المكانيّة ثابتة في لوحاته، ومعالجة الظّل بواسطة الألوان الترابية الداكنة وفي أقصى الحالة يتدخّل اللّون الأسودُ مع المجموعات الباقيّة ليصبحَ ظلاً..
فالفنّان السّي محمد المحمدي ممتثلٌ للمقولة القائلة:

” لا تقل ماذا ترسمُ، بل كيفَ ترسمُ ”
فتحيةً فنّية لِعينِهِ المُندهِشةِ، وَلِيَدِهِ المرتجفةِ إحساساً..
بلقاسم سداين

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock