أخبار جهويةأخبار محليةالمولودية الوجدية

لماذا كل هذا التعنت يا إسبانيا؟

ميديا كوم ... جريدة إلكترونية ... شاملة - MEDIA COM ميديا كوم ... جريدة إلكترونية ... شاملة -  MEDIA COM

يحي طربي

بداية: ” !lo siento mucho señoras y señores! ” كنت أود أن يكون هذا المقال بالإسبانية، لغة المحتل، لأنه موجه إلى حكام إسبانيا بالدرجة الأولى، لعلهم يفهمون الرسالة و يستوعبون الدرس و يعودون إلى رشدهم، و لكن مازلت أتعلم لغتهم كي أسلم مكرهم اولا، و أعفيهم من عناء الترجمة ثانيا.
أما بعد، صحيح أنها مسألة وقت فقط، لأن المغرب كان، خلال السنوات الأخيرة، منشغلا في إنهاء إجراءات تحرير و استرجاع أقاليمه الجنوبية. و الآن وقد طوى ملف الصحراء، بعد أن اعترفت كل دول العالم تقريبا بالسيادة المغربية على أقاليم و مدن الجنوب، و فتح العديد من القنصليات الأجنبية هناك، ها هو قد بدأ في إجراءات المطالبة بتحرير و استرجاع مدن الشمال ، سبتة و مليلية، و الجزر المجاورة.
لقد توالت، تاريخيا، عدة دول و حضارات عربية إسلامية و أجنبية مسيحية على احتلال مدينتي سبتة و مليلية، و لكن جغرافيا، تبقى المدينتان مغربيتان 100%، و كل وجود أجنبي بهما يسمى استعمارا و ليس شيئا آخرا. إلا أن كبرياء و عجرفة و تعنت جارتنا إسبانيا يجعلها تنسى أو تتناسى بأن زمن الاستعمار قد ولى و حلت محله سياسة وثقافة تصفية الاستعمار.
إن التاريخ الذي يجهله أو يتجاهله حكام إسبانيا و يرفضون تدريسه لأبنائهم في المدارس، هو أن عرب و أمازيغ المغرب و الشام قد احتلوا شبه الجزيرة الإيبيرية بأكملها، إنطلاقا من جبل طارق مرورا بإسبانيا و البرتغال و وصولا إلى جنوب فرنسا؛ و مكثوا باﻷندلس زهاء 8 قرون، و بنوا فيها الجوامع و المدارس و المكتبات و القصور و القلاع و الأسوار و الإسطبلات و الصهاريج و الحدائق … – مازالت تجلب، سنويا الملايين من الزوار و الباحثين و الطلبة من مختلف أنحاء العالم – و علموا أهلها علم الفلك و الطب و الهندسة و الفلسفة و الأدب و الزخرفة و الموسيقى …، فبالأحرى مدينتي سبتة ومليلية. كما وفروا لليهود هناك الأمن و الحماية من بطش المسيحيين الكاثوليك و الطوائف الأخرى. هذا في الوقت الذي كانت فيه أوربا تعيش في ظلمات العصور الوسطى، بسبب التخلف الفكري و هيمنة الكنيسة و رجال الدين.
ما هكذا يكون الاعتراف بالجميل أيتها الجارة! و هل يقبل حكام إسبانيا اليوم ان يبقي يوسف بن تاشفين و جيوشه في إشبيلية و قرطبة و الجزيرة الخضراء مثلا؟
إن عظمة و قوة الدول المتحضرة اليوم لا تكمن في احتلال الدول، الصغيرة و الضعيفة خاصة، و السيطرة على أراضيها، و إنما في المساهمة في استقرار هذه الدول و عدم التدخل في شؤونها الداخلية و نشر المبادئ و القيم الإنسانية بين شعوبها.
صحيح أن المغرب ليس عضوا دائما في مجلس الأمن، او في حلف NATO، ولا يملك أسلحة الدمار الشامل – علما أن له علماءه و خبراءه في الفيزياء و الطاقة النووية -، و لكن قوة دبلوماسيته تقهر أقوى الدول مهما تحالفت و تآمرت؛ و سنكون أقوى بعد تصالحنا مع أبناء عمومتنا في إسرائيل، بعد أن كنا أول بلد يعترف بدولة فلسطين و عاصمتها القدس.
فلهذا و من مصلحة إسبانيا أن ” تلعن الشيطان ” و تحسن جوارها مع المغرب و أن تحترم سيادته على كل مدنه و أراضيه و جزره، و أن تتحالف معه أكثر فأكثر ليس فقط لموقعه الجغرافي المتميز، و كرم سكانه و لطافتهم و سماحة دينهم و غنى ثقافتهم و تعددها، و جمال طبيعته و مناخه و وفرة أسماكه و جودة منتوتاجه الفلاحية و كثرة اليد العاملة الشابة و الغير المكلفة … و لكن لأنه حليف استراتيجي، يعول عليه في محاربة الإرهاب و تهريب و تجارة المخدرات و الهجرة السرية، و خاصة ضمان استقرار المنطقة الأورو – إفريقية.
و في الأخير نتمنى من جارتنا إسبانيا أن تتحلى بالعقل و بعد النظر و تسلم المدينتين لوطنهما الأم، المغرب، و تحدو حدو بريطانيا و هي تسلم Hong Kong للصين سنة 1997، بطريقة سلمية و حضارية أبهرت العالم. أما التعنت و التشنج في المواقف، و التهديد و ” تخراج العينين ” لا يحل المشاكل. أ ليس في حكوماتكم رجال حكماء يردون الأمور إلى نصابها؟!
و السلام.
يحي طربي

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock