أخبار جهويةأخبار محليةأخبار وطنية - دولية

النظام الجزائري الشاذ

ميديا كوم ... جريدة إلكترونية ... شاملة - MEDIA COM ميديا كوم ... جريدة إلكترونية ... شاملة -  MEDIA COM

نورالدين زاوش
في كل دول المعمور، وفي جميع أنحاء العالم، ليس هناك في قاموس السياسة ما يطلق عليه “عدو دائم” أو “صديق دائم” بل هناك مصلحة دائمة؛ ورغم أن الأمر يبدو للوهلة الأولى وكأن عالم السياسة لا يوجد به مكان شاغر للأخلاق والمبادئ، وأن لا صوت يعلو فيه على صوت المصالح؛ إلا أننا إذا غصنا كفاية في عمق الموضوع فسنَخرُج لا محالة بدرر نفيسة غالبا ما تكون مخالفة للتحليل السطحي والتفكير المبسط، وسيلوح في الأفق بأن مبدأ المصلحة ليس معارضا بالضرورة لمبدأ المبادئ والأخلاق. الأمر شبيه بمعضلة الخير والشر، وشبيه بسؤال من يريد إعجاز المؤمنين وإزعاجهم: إذا كان الله خيِّرا فلماذا خلق الشر؟
من المعلوم أنه ليس هناك خير مطلق أو شر محض؛ ولكن خير فيه دخن وشر فيه نظر؛ بل إن ما يراه البعض خيرا قد لا يراه غيره كذلك، وأن بعض الخير لا يصيب بعض الناس إلا إذا أصاب بعضا آخر ببعضٍ من الشر؛ ناهيك عن أن الناس لا يعرفون أصلا حقائق الأشياء والأمور إلا بعد أن تَكشف عنها ذرات الوقت وهي تتدفق في شلال الزمن، “والله يعلم وأنتم لا تعلمون”.
كذلك السياسة، فمصالح الدول كثيرا ما تكون متضاربة ومتعارضة، وقرار دولة يصب في نفع مواطنيها ومصلحتهم قد يكون وبالا وخسرانا على مواطنين لدولة أخرى، لذا، من غير المعقول أو المقبول أن تراعي أية دولة في حسبانها مصلحة غير مصلحة مواطنيها؛ لأنها في الأساس مسؤولة عنهم وليست مسؤولة عن غيرهم، كما أنها ستحاسب عنهم دون غيرهم. ليس الأمر أنانية شمطاء أو براغماتية حمقاء بل قمة العقل والتعقل مادامت الدول جميعها قد تعاقدت فيما بينها على النحو الذي أنشأ لنا فكر العلوم السياسية كما هو متعارف عليه اليوم. تماما مثلما تراعي الأم مصلحة صبيها وتبالغ في حمايته، حتى لو أنها خيرت بين أن يصيبه الأذى أو يصيب صبيا غيره لاختارت أذى الصبي الآخر. هذا ما نظم العلاقات ورتب الأولويات وضبط سلوكيات الأفراد والمجتمعات والدول مما سمح باستمرار العرق البشري إلى اليوم.
إذا كان من أبجديات العمل السياسي أن تهتم الدول بما يفيد مواطنيها وبما يكون لهم فيه نفع ومصلحة، فإن أي نظام يفكر في منأى عن هذا المبدأ ويقرر من خارج هذا المنطق، كيفما كانت حيثياته وذرائعه ومبرراته، نظام شاذ وجب التخلص منه عاجلا غير آجل؛ لأنه ليس نظاما فاشلا فحسب؛ بل نظام مثقل بعلامات الشيخوخة المبكرة وهو أقرب إلى الفوضى منه إلى النظام، هذا ما ينطبق تمام المطابقة على نظام الجزائر الذي قدم مصلحة شعب مرتزق على مصلحة شعبه الأبي، كما أنه، على عكس جميع مفاهيم السياسة ومبادئ المنطق والأخلاق وأبجديات الأعراف المتحكمة في العلاقات الدولية، اتخذ من المغرب العظيم عدوا دائما له وسماه، ظلما وجهلا وغرورا، بالعدو التقليدي.
نورالدين زاوش
عضو الأمانة العامة لحزب النهضة والفضيلة

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock