أخبار جهويةأخبار محليةأخبار وطنية - دولية

التقليعة الفايسبوكية الجديدة “أش كتعرف علي”

ميديا كوم ... جريدة إلكترونية ... شاملة - MEDIA COM ميديا كوم ... جريدة إلكترونية ... شاملة -  MEDIA COM

عزيز باكوش

التقليعة الفايسبوكية الجديدة “أش كتعرف علي” هل هي استجداء مكشوف للمدح والثناء أم رغبة مزاج محمومة لاقتحام الذات من خارجها، ودعوة الآخر للكشف عن الخبايا والأسرار ، واستجلاء الآتي من الطموح والانتظارات والأحلام بعيون أكثر اتساعا؟ لا أدري لمن يختلقون هذه الأفكار الفجة ،في حين أن ما نحتاجه اليوم من الفايسبوك هو فكرة نقية .

ماذا تريد سيدة تدرج صورتها مرفوقة بعبارة ” “أش كتعرف علي” بالضبط ؟ وهو سؤال شجاع جريء ومفتوح مفتوح مفتوح ياولدي ومشرع على كل الاحتمالات . استفهام كبير لإيقاظ الشياطين الناعسة ،لا سيما تلك التي تنام بعين واحدة . لا يهمنا حقيقة إن كانت السيدة في كامل وعيها وأناقتها أثناء تحرير هذه الفكرة ،ولها كامل الحرية والحق في ذلك ، لكن ما يهمنا هو أنها تحلت بشجاعة منقطعة النظير وهي تنظر إلى نفسها في المرآة قبل أن تدرج صورتها المفضلة والمنتقاة بعناية فائقة ،

فهل ستكون لها نفس الشجاعة وهي تستقبل ملاحظات منحرفة الهدف ،وموجهة توجيها غير سديد ،وما أكثرها، صادرة عن أناس تجهلهم ويعرفونها، كما أنها تعرفهم ويجهلونها . لعلهم من صداقات الجوار ، أو لربما من تلك الصداقات الطائشة المشيدة على أنقاض اللقاءات العابرة مع جنسيات افتراضية خارج الحدود كما على الشساعات الكوكبية .

ولربما نستطيع النظر أبعد من ذلك ، هل تقبل الناشرة بفكرة أن الصورة المدرجة خضعت لسكانير ولمسح ضوئي دقيق قبل العرض . بل وأنها تعود لزمن مضى ولا تعكس حقيقة الوضع الراهن . فكيف تتفاعل مع آراء الفسابكة المختلفة الأمزجة التي قد تتعدى الصورة لتتقتحم عوالم أخرى ؟ وكيف ستدبر نظراتهم الزيغاء المتجهمة ، والتي تقول مالا تفعل، وتفعل مالا تقول ؟ فعالم الأزرق بقدر ماهو جميل هو سافل أيضا.

أكتب هذه التدوينة وذاكرتي مفتوحة على اتساع ، حيث تتراءى لي كثبان حرية التعبير جلية واضحة ومصانة ، وتلال الخصوصية مكشوفة ومحفوظة في صدر الأفق البعيد .

عندما تطلب منك سيدة عن إبداء رأيك فيها ؟ أنت الذي لا تعرف عنها سوى الصورة أمامك ،أو ما تتقاسمه صاحبة الصورة وفق طبيعتها ومزاجها ،كيف تتفاعل ؟ وما لذي يبدو لك على فجأة القيام به ؟ ما لجانب الذي تراه جديرا بالمدح ؟ الصورة وتقنياتها و المزاج المتحكم في الصورة ؟ هل تقول مثلا هذه الصورة قديمة وتعود لمرحلة ما ،وهل لديك الحق في ذلك ؟ وقد تذهب بعيدا وتحدد العمر بالسنوات ؟ هل تتحدث عن لون الماكياج وتناسبه ؟ أم تتحدث عن شيء آخر غير ما تظهره الصورة ؟ وتستقري ما بين السطور ، وتنقب عن فترة من حياتها السابقة أو عن طور من شكلها المهني أو وضعها الاعتباري في المجتمع .أو ستسارع الخطى للكشف عن أمور ذات طابع خاص.

وهل تريد هذه السيدة شيئا آخر غير ما تنطق به الصورة ؟ وما الهدف بالضبط من إدراج صورة نصفية لسيدة في كامل أنوثتها غير مدح جمالها من النظرة مرورا بالتسريحة ولون الماكياج والشفايف والخدود ؟ أو استجداء التصفيقات واللايكات وترصيدها أو تلك التعليقات المرسومة بغباء بكلمات شعواء ومشاعر مقتبسة متحجرة العواطف . ؟؟؟

هل تريد هذه السيدة أن تسمع رأي الناس فيها حقيقة ؟ منذ متى كيف أين ولماذا ؟ هل ترغب في معرفة كيف تبدو للناس بصفتها الحقيقية في الواقع أم من خلال صورة فقط ؟ هنا تحديدا لا أحد بإمكانه ذلك ، فالحياة الخاصة خصوصية وخط أحمر . ويمكن أن تنهار علاقة صداقة مع صديقة بمجرد تحديد سن السيدة ولو مزاحا . أية شجاعة وأية مغامرة ؟

ماذا يريد رجل يدرج صورة له أيام الشباب، ويطلب من أصدقائه إبداء الرأي في شخصه ؟ لقائل أن يقول أن الصورة مضى عليها 40 سنة وصاحبنا اليوم تتقاذفه العزلة وكراسي المقاهي من زاوية إلى أخرى. إذا كان الفايسبوك يتاجر في عواطفنا ويمنحنا بحرا من الإغراءات عبرالعديد من الوصفات والاقتراحات البرغماتية ، فمن اللائق أن نختار زمان ومكان السباحة. ؟ وللحقيقة فانا أعتبر نفسي أنانيا حقا ،فكل ما يمكن أن يجرح الناس أو يثير اشمئزازهم يمزقني أيضا .

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock