أخبار جهويةأخبار محليةأخبار وطنية - دولية

كان الرومان القدامى يصارعون الأسود، ومزال الإسبان يصارعون الثيران، بينما السائقون و مستعملوا الطريق، في مدينة وجدة، يصارعون الحفر.

ميديا كوم ... جريدة إلكترونية ... شاملة - MEDIA COM ميديا كوم ... جريدة إلكترونية ... شاملة -  MEDIA COM

يحي طربي
كلما هطلت الأمطار، بالرغم من نذرتها، إلا و فضحت هشاشة البنية التحتية الطرقية. إما أن تجرف السيول المائية أجزاء من الطريق، أو تحدث بها حفرا و خنادق. و كلما ارتفعت حرارة الجو إلا و بدأ الإسفلت في التمدد و الذوبان، محدثا، مع كثرة مرور عربات الوزن الثقيل، خاصة شاحنات نقل البضائع، تضاريس و تشوهات و تشققات بالطرق الأكثر استعمالا. و هكذا أصبح السائق، بعد أن كان يركز انتباهه على المراهقين المتهورين الذين يقودون دراجاتهم النارية وسط الطريق بسرعة كبيرة و بطريقة بهلوانية، و بدون ” casque “و لا تأمين و لا رخصة القيادة في كثير من الأحيان، أو على ” التريبورتورات ” ” triporteurs ” و العربات المجرورة، أو على السرعة الجنونية التي تسير بها سيارات ” أولاد لفشوش ” و ” أولاد الأعيان و المنتخبين “، اللذين لا يحترمون بندا واحدا من قانون السير، او على الراجلين، أو على تلاميذ المدارس عند الدخول و الخروج، في غياب دروس التربية الطرقية، الذين يعبرون الطريق بأي طريقة و في أي لحظة، خاصة الصغار، غير المصحوبين بآبائهم او أمهاتهم، ينتبه إلى الحفر أكثر من انتباهه إلى إشارات المرور.
و على سبيل المقارنة، عندهم، هناك، في الضفة الأخرى للبحر الأبيض المتوسط، كل الطرق تؤدي إلى روما، و عندنا في المغرب كل الطرق تؤدي إلى الحفر، و كل حفر تؤدي إلى حوادث السير، و عرقلة حركة السير و المرور، و ارتكاب مخالفات قانون السير، و أعطاب ميكانيكية بالسيارة، و استياء و سخط و ” نرفزة ” السائقين. كم من حفرة تسببت في انقلاب سيارة، و مات ركابها أو أصيبوا بجروح خطيرة، و كم من سيارة انفصل محركها عن هيكلها بسبب حفرة، و كم من سائق فقد هدوئه و أعصابه، و عرقل حركة السير أو خالف القانون، و عرض نفسه لغرامة مالية، بسبب حفرة.
ما السر وراء إنتشار الحفر التي أصبحت كالسرطان؛ إذ كلما تم ترميم حفرة في طريق أو شارع ما، إلا وظهرت حفرة أخرى أو أكثر في نفس المكان أو في أماكن أخرى؛ لذلك لم تترك الحفر طريقا إلا و شوهت منظره، وحيثما ولى سائق وجهه فتم حفرة تعيق طريقه . هذا بالإضافة إلى ردائة الطرق بصفة عامة، كالطريق الرئيسية رقم 6025، التي تربط وجدة بتويسيت، عبر جماعة رأس عصفور، التي بدات جنباتها تتآكل، بالرغم من أنها أنجزت في القرن 21 و لم يمضي على إنجازها اكثر من 3 سنوات،
و قد انتظرها المواطنون طويلا؛ ما جعل سكان القرى و الدواوير المجاورة لها يعتبرونها ليس مهزلة فحسب، و إنما إهانة و احتقارا لهم. علما أن هناك عدة طرق و قناطر بنيت خلال فترة الاستعمار الفرنسي و مازالت قائمة إلى الآن، تعكس عبقرية أصحابها.
و ما يزيد حركة السير و المرور تعقيدا هو أن تصاميم التجزئات السكنية في بعض أحياء المدينة تخصص للأرصفة مساحة كبيرة على حساب الطريق، حيث أن هناك أرصفة يفوق عرضها 5 أمتار في حين لا يتعدى عرض الطريق 4 أمتار، ما يجعل عملية التجاوز و التوقف و المرور صعبة و خطيرة. و المثير للضحك أن بعض الساكنة قاموا بتسييج الأرصفة و تحويلها إلى حدائق صغيرة و ضمها إلى مقر سكناهم، أو استغلالها من طرف التجار و أرباب المقاهي، و ذلك تحت أنظار المسؤولين. قمة العبث!
هذا مع العلم أن عدد السيارات و مستعملي الطريق يتزايد يوما بعد يوم، و الطلب على شبكة طرقية عصرية و بمواصفات عالمية في ارتفاع مستمر. إذن لا أحد يجهل دور و أهمية الطريق في عملية المواصلات و التنمية البشرية و الإقتصادي لساكنة القرية و المدينة. لهذا لا أحد منا يتمنى لوجدة، مدينة الألف سنة، أن تصبح مدينة الألف حفرة.
أما الأسئلة التي يطرحها المواطنون المغاربة عامة و الوجديون خاصة، والتي يتهرب من سماعها المسؤولون هي:
ما السبب في إنتشار الحفر و سوء البنية التحتية للطرق و هشاشتها؟ أهو انعدام الخبرة العلمية و الكفاءة المهنية أم الغش في الإنجاز و البناء؟ و كأن مسؤولينا و مهندسينا لم يزوروا يوما ألمانيا و لم يلاحظوا كيف تبنى الطرق هناك.
أين و كيف تصرف الأموال الطائلة التي تجنيها الدولة من غرامات مخالفات قانون السير و الضرائب و واجبات التأمين المفروضة على السيارات؟ ناهيك عن الميزانيات التي تخصصها الدولة لتنمية كل جهة و مدينة و قرية.
هل فعلا هناك عملية تتبع و مراقبة جودة بناء و ترميم الطرق و القناطر؟
إلى متى سيستمر المسؤولون، الذين أوصلتهم أصوات المغفلين و البسطاء و السذج إلى مراكز القرار، في استبلاد المواطنين و الاستخفاف بعقولهم و تطلعاتهم و أحلامهم؟
متى ينعم مستعملوا الطريق من سائقين و راكبين و راجلين بطرق و قناطر و أنفاق متقنة هندستها، جميلة و سهلة؛ تتسع لكل أنواع العربات، تسر السائقين و تضمن لمستعمليها الراحة و السلامة و الأمان؟

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock