افريقياالدوري الإنجليزي الممتازالمولودية الوجدية

معارك خارج الوغى

ميديا كوم ... جريدة إلكترونية ... شاملة - MEDIA COM ميديا كوم ... جريدة إلكترونية ... شاملة -  MEDIA COM

محمد شحلال
ما إن حل بيننا ضيف،،كرونا،،الثقيل، والذي نسأل الله أن يعجل برحيله،حتى اندلعت المعارك على كل الجبهات بفضل الفضاء الأزرق الذي يسعف العديد من الألسنة الثقيلة-عادة- على السجال فجأة.
وإذا كانت العديد من الشرائح الاجتماعية قد اختارت الالتفات إلى الفئة المعوزة لتشعرها باستمرار قيم التضامن، عبر أشكال من الدعم والمساعدة،فإن بعض الجهات التي،،تفهم في كل شيء،، قد انبرت لتسلط سهامها في هذه الأيام، على الدين الإسلامي-خاصة-عبر استحضار نماذج ممن يركبون الدين،والذين لا نحتاج إلى بحث عميق لمعرفتهم.
وهكذا،فحين يستشهد بعض ،،فرسان المنابر الإعلامية،،طبقة الرقاة والفنانين الذين تحولوا إلى ،،نجوم،،-رغم أنفنا-ليمرروا خطابا طافحا بالحقد على الدين ،بدعوى أن رجال الدين على -علاتهم-لم يعد لهم من مكان بيننا،وأن الفئة الوحيدة التي يجب أن تسود في مشهدنا اليومي،هي فئة رجال الصحة وباقي من يسهرون على أمن البلاد،فإنهم في الواقع إنما يفتعلون صراعا لاخير فيه للبلاد والعباد في هذا الظرف بالذات.
أعتقد أن لا أحد تجرأ يوما على تبخيس رجال الصحة،بل إن حياتنا تتوقف في كثير من شروط استمرارها ،على وجود هؤلاء الرجال والنساء خاصة حينما يعمقون أبحاثهم ويلقون الشروط الملائمة لأداء مهامهم.
غير أن الذي يثير الشفقة في بعض الخطابات المنتعشة في عز الجائحة التي مرغت كبرياء الجبابرة، كما الضعفاء في الوحل،هو اتهام الدين من خلال ربطه بوجود المشعوذين والرقاة ومن كان على شاكلتهم،حيث تبين مدى تفاهتهم أمام الوباء القاتل، الذي لا تنفع معه كل تميمة ،وكأن هؤلاء والدين المنسوب لهم -قسرا-هم الذين جاءوا بالوباء ونشروه في جنبات الأرض !
وإذا لم يكن من قوة لهؤلاء المتهمين والمشبوهين،فلماذا يسلط عليهم الضوء أصلا؟
لا أعتقد بأن في الدين الإسلامي نصا يدعو إلى تصديق المشعوذين والرقاة وبائعي الوهم،بل إن هذا الدين يدعو إلى التماس أسباب العلاج لدى الأطباء وأهل الخبرة، وكل ما في الأمر أن بعض الناس يستغلون التراخي في التعامل مع هذا الدين لتسخيره في أهداف خسيسة،وليس السياسيون ببعيدين عن هذا الأسلوب الذي لا يخفى على أحد.
إن التاريخ سيظل محتفظا بأسماء أطباء ظهروا في عز الإسلام، وبصموا الحضارة الإنسانية بإنجازاتهم :فابن سينا والفارابي وابن رشد…كلهم من مفاخر العصر الإسلامي، وكان بموازاة أعمالهم،طبقات تحيي الليالي الملاح وتتبادل الأنخاب على أنغام الراقصات والمطربين،وكان هناك رجال دين يغضون الطرف حتى يتجنبوا المصير الذي لقيه من هم أعلم منهم، وسوف تظل هذه الطبقات محافظة على أسلوبها في الحياة رغم أنف الفقهاء والأطباء على السواء،لسبب بسيط ولكنه متجذر فينا،ألا وهو الاستجابة لحاجات النفس والروح الباطنية !
لا شك أن موظفي الصحة يغامرون الآن بحياتهم امتثالا للواجب وروح القسم الذي تشبعوا به ليكونوا،،حكماء،، كما أراد ،،جدهم أبوقراط،،ومع ذلك لم نسمع يوما ما طبيبا يطالب بإلغاء وظيفة الدين ورجاله المتنورين، بل إن المرء ليشعر بالفخر حين يجد نفسه بين يدي طبيب متشبع بقيم ديننا الحنيف ،فتزداد ثقتنا في شخصه وكفاءته.
لم يعد غريبا أن يجمع بعض كبار الأطباء المسلمين بين الكفاءة العلمية والإلمام بالدين ،حتى تحولوا إلى دعاة ومسيرين لجمعيات خيرية،بل إن بعض الأطباء قد تمكنوا من الجمع بين الطب والأدب كذلك،فهل ننسى الطبيب والشاعر ،،إبراهيم ناجي،، صاحب رائعة الأطلال؟ وهل فشل الطبيب ،،يحي الفخراني ،، في أداء أدواره التمثيلية ؟
إن الأمثلة فوق الحصر،ولنا في بلدنا مثال قل من يعرفه،وأعني الطبيب الأديب،،عبد القادر وساط،،الذي يمتع القراء بشبكة الكلمات المسهمة في جريدة الاتحاد الاشتراكي منذ سنوات عديدة تحت اسم،،أبو سلمى،،!
لست أدري لم يستأثر بالساحة الإعلامية رجال ونساء كل شواهدهم،،العلمية،، هي في النهاية بعيدة عن العلوم البحتة،بحيث يسخرون طاقتهم في الخطابة الرنانة والنقد الجاهز للتحامل على من شاءوا ،مستهدفين وضعا هشا لجل الفئات الشعبية للظهور بمظهر الفارس الذي يوجه السهام في الوقت غير المناسب.
نحن نعرف أعطاب وطننا، وهذه مناسبة لنعبر عن جاهزيتنا لاقتسام التكاليف ، ونؤجل النقاش إلى أن نتخلص من هذا الحمل الثقيل قريبا بإذن الله،أما الدروس ،،الطارئة،، في الوطنية والإلمام بكل شيء، فلن يفيد جائعا ولا عاطلا.
في الختام،لابد من التذكير بحقيقة أبدية، وهي أن المجتمع لن تقوم له قائمة إلا بوجود كل الأطياف التي يشبع بعضها الجانب المادي ،وبعضها يتولى الجانب الروحي فينا، وليس يستقيم أن يلغي بعضنا بعضا،فالطبيب والمدرس والراقي،لا غنى لهم عن لمسة رجل الدين في مناسبات نعرفها جميعا،لكن رجل الدين يستأثر باللحظة الأخيرة في الدنيا لكل واحد منا.

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock