أخبار جهويةأخبار محليةأخبار وطنية - دولية

غزة ضحية رُؤيا أشْعِياء

ميديا كوم ... جريدة إلكترونية ... شاملة - MEDIA COM ميديا كوم ... جريدة إلكترونية ... شاملة -  MEDIA COM

رمضان مصباح

“…الى أن تصيرَ المدنُ خَرِبةً بلا ساكن ،والبيوت بلا انسان ؛وتخْربَ الأرض وتُقفِرَ ،ويُبعدُ الربّ الانسانَ ،ويكثرُ الخراب في وسط الأرض ،وان بقي فيها عُشْرٌ بعدُ ،فيعود ويصيرُ للخراب ”
ارسالية أشعياء النبي
لا وجهَ لأحد:
خلافا لحروب اسرائيل السابقة؛ سواء مع الدول العربية، أو مع الجماعات المسلحة –حزب الله، حماس والجهاد الاسلامي- حيث كانت مؤسستها العسكرية تبدو منضبطة ،الى حد ما ،لقواعد الاشتباك المتعارف عليها في أدبيات الحروب، وللمواثيق والعهود الدولية ،ولمؤسسات الدولة الأخرى، خصوصا التشريعية ؛تظهر الدولة الصهيونية اليوم بوجه همجي ،في منتهى البشاعة.
وجهٌ لا يحفظ ماء وجه أحد ؛بما في ذلك الأمين العام لهيئة الأمم المتحدة؛ الذي هوجم شر هجوم ،وصولا الى المطالبة باستقالته- لكونه يعيش خارج العصر- لا لشيء الا لإصراره على الحياد ،ومطالبة الطرفين بحقن الدماء ، وسلامة المدنيين ؛ومُفرِدا حماس بالمطالبة بالإفراج عن الرهائن.
أما مناشداتها من طرف أصحاب الجلالة الملوك ،وأصحاب الفخامة الرؤساء- من القارات الخمس- فتتعامل معها وكأنها مجرد لغو في حارة شعبية.
أما عائلات الرهائن الاسرائيليين، والأجانب، فلم تعد تعرف هل تفرح لتدمير غزة أم تتوجس منه خِيفةً ،وهي تستحضر وجوه أبنائها حيث هم ،بين معمار هوى وآخر ينتظر.
ورغم أن شوارع العواصم العالمية ،الاسلامية، والعربية هاجت وماجت ،كما لم يحصل من قبل ؛رغم الحروب المشتعلة، وخصوصا الروسية الأوكرانية؛ فان شوارع اسرائيل لم تزد على الاستماع الى السماء ،المقبلة نارا من غزة ،جنوب لبنان ، وحتى اليمن السعيد.
ولم تزد على الانجحار في الملاجئ ،حينما يدعو الداعي.
هي بهذا منفلتة من عُقالها ،سكرى بغطرستها ؛لا ترى أمامها خصما آدميا وتاريخيا ،صاحب حق يستميت من أجله منذ سبعين عاما؛ بل مجرد حيوانات من الضواري ،واجبة الافتراس ،وليس القتل حربا فقط.(تصريح وزير الدفاع).
هل اللحم الفلسطيني هو المطلوب؟
هوت حرب اسرائيل اليوم الى درك غير مسبوق من الهمجية؛ حتى بدت وهي تدمر غزة ،وتعاود تدمير المدمر ،وترافق القتلى الى ثلاجات المشافي ،والجرحى ؛لتعاود القتل والقتل ،و لاشيء غير القتل؛(حتى بدت) وكأنها ممسوسة بكانيبالية مقيته ،مما عرفته بعض الشعوب ،ساكنة الأدغال القديمة.
وعشِقتْ بالخصوص ، في ما تقتل وتطارد الى المستشفيات ،لحم الأطفال .
الثلث تقريبا ممن قتل أطفالٌ ،ينتمون للطفولة فقط ؛وليس لا لإسرائيل ولا لفلسطين –رغم أنف الادارتين – لأنهم لا يفهمون تاريخا ولا جغرافية ولا دينا ،الا مُرددين ما يحفظونه عن الكبار.
لا ينتمون الا للعب، ولا يحلمون الا به ؛ما وسعهم ذلك.
فلماذا يقتلون ،ان لم يكن من مس الكانيبالية؟
يجب أن يخجل العالم من دموع أطفال غزة الأحياء، ومن دمهم حين يُقتلون ردما .
ان التراب الذي يُكفنهم قبل الكفن ،أحنُّ عليهم من كل المنظمات الدولية ،وترسانتها القانونية التي كذبت عليهم .
سجل يا تاريخ: دول عظمى وصلت الى المريخ ،وبدايات الكون ،ولم تستطع أن تصل الى أطفال ،لتحميهم من حروب الكبار ؛ ومن أنيابها العطشى للدم.
وبهيْبتي تلقى السباع:
لم تكن الولايات المتحدة بعيدة عن حروب اسرائيل السابقة ،وصولا الى جسور جوية متواصلة الامداد ؛ومخرجات تصوير فضائي تجسسي يرصد ثغرات العدو العربي في الميدان .هذا معروف.
لكن أن تُرحِّل حاملة الطائرات، وقِطعًا من أسطولها ،الى شرق المتوسط ،وتعزز تواجدها العسكري الأصلي في المنطقة ؛فهذا جديد تماما .
وجديدة أيضا تلكم الزيارة الرئاسية السريعة والمنحازة كلية لإسرائيل؛ دون حفظ ماء الوجه – مرة أخرى – للدول العربية والاسلامية ،الساعية منذ مدة الى حل يرضي الطرفين ؛رغم أن أحدهما متسلط ظالم ،لم يفد عرابوه على المنطقة الا سنة 1948.
ثم توالت صناعة الدولة الصهيونية ،وتأثيثها من هنا وهناك ،عبر العالم.
هذه المرة انحطت النُّصرة الأمريكية –بدورها – الى درك “ديبلوماسي “غير مسبوق.
ثم حلت بالمنطقة الدول الرديفة للولايات المتحدة ؛حتى اكتملت كل توابل الحروب الصليبية القديمة ؛ماعدا صلاح الدين الأيوبي.
هو الغائب الكبير ،أو قل هو الوحيد الذي مات ،وطواه التاريخ.
توالت زيارات “قلوب الأسود” الى اسرائيل ؛ليس لتهدئتها ،بل لمعاتبتها على الظرف وخفة الدم في حروبها السابقة.
لا أحد انتبه الى أن اسرائيل اليوم هي غير اسرائيل الأمس؛ ولما ضج العالم ،صارخا في وجه قتلة الأطفال والنساء اشتهاء ،وليس صدفة؛ حاول أمراء الحروب الصليبية الظهور بمظهر الرحمة ،انقاذا لشعبيتهم ليس الا .
فات الأوان حروب اسرائيل الكلاسيكية انتهت ،وابتدأت حروب الابادة الشاملة.
الطوفان يفسر كل شيء:
لو لم تكن هناك ظُلمات فوقها ظلماتٌ ،في بحر لُجِّيٍّ موجُه مظالم في أعقاب مظالم، ما علا الطوفان وما طفا.
اسرائيل لا تفهم هذا اليوم ،ولا تستمع الى من ينبهها ،من ساسة العالم الحر وحكامه.
في همجيتها الحالية لا تحركها ولاتؤلمها الا حكاية السلحفاة التي قلبت الموازين ،فسبقت الأرنب.
لم تهضم أبدا طفرة الذكاء في طوفان الأقصى، الذي “صبح الصباح ،غارة ملحاحا” ،كما عبر الشاعر العربي.
لا سؤال الا عن رياح الطوفان ،من أين هبت؟
أن تكون قد هبت من ظلم سبعين سنة ،ومن الحصار المطبق ،فهذا كلام من قاموس عربي لا يوجد أصلا في خزانات اسرائيل.
ولسان الحال: حتى ولو سرقتُ منك الخرائط ،وأنت نائم ؛فما كان لك تستيقظ هكذا بكل هذه القسوة.
يا اسرائيل كُفي كُفي ؛فانك مجرد جزيرة صغيرة في بحر من العرب والمسلمين ؛ولن تستطيعي ترحيل الخرائط المسروقة . موازين القوى تتغير ؛اسألي المتوسط :
كم من حضارة سادت شطآنهُ ،ثم بادت؟
لوكنتِ دولة ذات شرعية تاريخية ،وقانونية ،وبمؤسسات راسخة ،وشعب منسجم ،آمن ،وواثق من نفسه ؛ما تصرفت بروح انتقامية ،كانيبالية عطشى للدم؛ في مواجهة مقاومة مشروعة .
انك الظالمة بدءا وانتهاء؛ وما أسرع ما تنهار الدول القائمة على الغلبة والعنصرية.
انك خارج العصر ،وداخل وهْم النقاء العرقي ،والهدايا السماوية المزعومة.
وداخل رؤيا اشعياء التوراتية؛ التي يلهج بها “ناتانياهو” مرارا.

 

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock