أخبار جهويةأخبار محليةأخبار وطنية - دولية

فضيحة مدوية بوزارة التربية الوطنية!

ميديا كوم ... جريدة إلكترونية ... شاملة - MEDIA COM ميديا كوم ... جريدة إلكترونية ... شاملة -  MEDIA COM

اسماعيل الحلوتي

طالما نبه الكثير من أبناء الشعب الغيورين على المصلحة العليا للوطن المسؤولين في الحكومات المتعاقبة عبر الصحف الورقية والإلكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي، إلى ما يشوب قرارات التعيينات في المناصب العليا من شطط وغياب النزاهة والشفافية، حيث أنها غالبا ما لا تخضع لمعايير الكفاءة والاستحقاق، ويتم الاعتماد إما على المنطق الحزبي الضيق وتبادل المصالح بين أحزاب التحالف الحكومي، أو على المحسوبية والمحاباة والوساطة، ووفق شروط توضع على مقاس أشخاص محظوظين من هنا وهناك. إذ هناك من أسقطوا بالمظلات دون وازع أخلاقي واحترام مبدأ المساواة وتكافؤ الفرص بين المواطنين.
وفي الوقت الذي لم تفتأ فيه حكومة عزيز أخنوش تتعهد بإصلاح منظومة التربية والتكوين، ويؤكد فيه وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة شكيب بنموسى خلال خرجاته الإعلامية وفي البرلمان، بأن وزارته عاقدة العزم على ألا يرتاح لها بال إلا عند وضع قطار إصلاح المنظومة على سكته الصحيحة، ويأخذ الإصلاح مكانته الحقيقية في المشروع المجتمعي، مبرزا أن عملية البناء ليست باليسيرة وتستلزم مسارا طويلا قد يمتد إلى سنوات، من أجل التأسيس لمدرسة عمومية ذات جودة وجاذبية، شريطة القضاء على مختلف مظاهر الفساد التي من شأنها تعطيل الارتقاء بهذا القطاع الاستراتيجي الهام…
فإذا بالرأي العام الوطني يهتز فجأة على وقع فضيحة مدوية من قلب وزارة بنموسى، التي سبق لها الإعلان في 16 يناير 2023 عن فتح باب الترشيح أمام الراغبين في شغل منصب كاتب عام للوزارة خلفا للكاتب السابق يوسف بلقاسمي، الذي قضى 14 سنة في المنصب دون أن يقدم خلالها الإضافة المرجوة. وفي 14 من شهر فبراير 2023 تم نشر لائحة تضم خمسة مرشحين لاجتياز المقابلة الانتقائية في يوم 17 من ذات الشهر.
بيد أن المفاجأة الكبرى التي عقدت ألسن الكثيرين من فرط الاستغراب، وأثارت موجة من السخط العارم والاستنكار الشديد على صفحات التواصل الاجتماعي وخارجها، وهي مصادقة المجلس الحكومي المنعقد في 13 أبريل 2023 على تعيين شخص لمنصب الكاتب العام لوزارة التربية الوطنية من خارج لائحة المرشحين المعلن عن أسمائهم، ويتعلق الأمر بالمسمى “يونس السحيمي” الذي كان يشغل منصب مدير ديوان الأمين العام لحزب الاستقلال نزار بركة إبان توليه حقيبة وزير للمالية.
وجدير بالذكر أن التنديد بهذا التعيين الخارج عن مساطر التعيين في المناصب العليا، لم يبق منحصرا فقط في محيط الوسط التربوي بالأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين والمديريات الإقليمية والمؤسسات التعليمية، بل تعداه إلى شبكات التواصل الاجتماعي والبرلمان من خلال توجيه بعض نواب المعارضة أسئلة كتابية لوزير التربية الوطنية، لاسيما أن ما أجج نيران الغضب في الصدور هو كون اسم “الفائز” يونس السحيمي الذي تم تعيينه كاتبا عاما للوزارة دون موجب حق، لم يكن واردا ضمن قائمة المرشحين الخمسة لاجتياز مقابلة الانتقاء التي كانت مقررة يوم 17 فبراير 2023 بمركز التكوينات والملتقيات الوطنية بالرباط. وهو ما يجعله تعيينا باطلا ومتعارضا مع مبادئ الاستحقاق والنزاهة والشفافية والمساواة وتكافؤ الفرص بين المرشحين، المنصوص عليها في القانون التنظيمي رقم: 12- 02 المتعلق بالتعيين في المناصب السامية. بما يؤكد أن هناك تجاوزات خطيرة للمساطر القانونية المنظمة للتباري حول المناصب العليا في المؤسسات والمقاولات والإدارات العمومية، والضامنة لمبدأ التنافس الشريف.
ثم إنه إلى جانب التجاوزات الخطيرة في التعيين التي خلفت استياء عميقا وعمقت الشعور بالإحباط، هناك أيضا خروج أحد المسؤولين بذات الوزارة بتصريحات صحفية أقل ما يقال عنها إنها تصريحات هوجاء، وينطبق عليها القول “عذر أفدح من الزلة”، إذ برر عدم اختيار اللجنة المكلفة بالانتقاء أي مترشح من الخمسة المتبارين، بأنه لا يوجد بينهم ولا في الوزارة الوصية ككل من يستحق شغل منصب كاتب عام للوزارة، ولاسيما أن الشخص الذي وقع عليه الاختيار ينتمي لحزب الاستقلال المشارك في التحالف الحكومي الثلاثي، ليصبح بذلك الانتماء لأحد أحزاب التحالف الحكومي من بين أبرز المحددات الأساسية والحاسمة في التعيين في المناصب العليا بالوزارات الحيوية.
فما لا ينبغي أن يغيب عن ذهن وزير التربية الوطنية شكيب بنموسى ومعه رئيس الحكومة عزيز أخنوش وكافة أعضائها، أنه بهكذا سلوكات استفزازية وتعسفية، والمتمثلة في الخرق السافر لمقتضيات الدستور على مستوى احترام مبدأ المساواة وتكافؤ الفرص بين المواطنات والمواطنين دون أدنى تمييز، والاستهتار بالمسؤولية من خلال ترجيح منطق المحسوبية والمحاباة، لا يعملون سوى على الرفع من منسوب الاحتقان الاجتماعي، وتكريس النفور من الانخراط في العمل السياسي وعدم المشاركة في الاستحقاقات الانتخابية والثقة في المؤسسات والمسؤولين…

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock