أخبار جهويةأخبار محليةأخبار وطنية - دولية

ملخص نتائج استطلاع آراء المغاربة حول هجرة الأفارقة من دول جنوب الصحراء إلى المغرب

ميديا كوم ... جريدة إلكترونية ... شاملة - MEDIA COM ميديا كوم ... جريدة إلكترونية ... شاملة -  MEDIA COM

مارس 2023
تقديم:
تعتبر قضية المهاجرين المنحدرين من دول أفريقيا جنوب الصحراء من القضايا التي أصبحت تحظى بحيز من الاهتمام داخل أوساط المجتمع المغربي. وقد تعزز هذا الحضور مع التحول الذي عرفته بنية استقبال المهاجرين بالمغرب، منذ أوائل القرن الحادي والعشرين، إذ تحولت البلاد من منطقة عبور إلى بلد استقبال واستقرار للمهاجرين.
لقد اعتبر الموقع الجغرافي للمغرب واحدا من العوامل المغرية للمهاجرين الأفارقة المنحدرين من منطقة الساحل وجنوب الصحراء، للعبور بطرق غير شرعية إلى أوروبا، كحل للهروب من ويلات الحروب والاضطهاد والفقر والأزمات المتعددة التي تعرفها هذه البلدان.
ولتدبير التغيرات التي يعرفها مجال الهجرة، بلور المغرب سنة 2013 الاستراتيجية الوطنية للهجرة واللجوء، والتي ترتكز على رؤية إنسانية وتحترم حقوق المهاجرين وحرياتهم. مما مكن من إعطاء انطلاقة مجموع من البرامج والعمليات من قبيل تسوية الوضعية القانونية للمهاجرين غير الشرعيين وتمكينهم من الولوج الى الخدمات الاجتماعية والتربوية والطبية والاقتصادية وذلك على غرار باقي المواطنين المغاربة.
وفي غياب معطيات رسمية محينة حول عدد المهاجرين المنحدرين من أفريقيا جنوب الصحراء والمقيمين بالمغرب، بالنظر لطابعهم المتنقل وغير القانوني، فقد قام المغرب بتسوية الوضعية القانونية لحولي 50.000 شخص خلال سنتي 2014 و2018، كما ان التقديرات غير الرسمية تشير إلى وجود أكثر من 30.000 مهاجر غير شرعي ينتظرون الفرصة للمرور الى أوروبا، مع التأكيد أن عدد الطلبة المهاجرين المسجلين بالجامعات والمدارس المغربية قد وصل خلال الموسم الجامعي 2022-2023 الى حوالي 19.256.
ومواكبة منهما للتغيرات التي يعرفها المغرب كبلد مستقبل للمهاجرين، ومن أجل التعرف على انطباعات وتصورات المغاربة حول الهجرة والمهاجرين المنحدرين من دول أفريقيا جنوب الصحراء، أجرى المركز المغربي للمواطنة والعصبة المغربية للدفاع عن حقوق الانسان استطلاعا للرأي في الموضوع.

المنهجية:
اعتمد إنجاز هذا الاستطلاع على استمارة إلكترونية، تم توزيعها على المشاركين المحتملين من خلال وسائط التواصل الاجتماعي خصوصا الفايسبوك والواتساب.
أنجز الاستطلاع في الفترة الممتدة ما بين 16 فبراير و3 مارس 2023، وعرف مشاركة 3158 شخص من جميع جهات المملكة وكذا مغاربة الخارج.
تتكون العينة المشاركة في الاستطلاع من نساء ورجال وفئات عمرية مختلفة، قبلوا بشكل تطوعي المشاركة من خلال ملأ الاستمارة الالكترونية التي توصلوا بها، مع التأكيد على أنه من المنظور العلمي، فإن النتائج المحصل عليها لا تمثل وجهة نظر الرأي العام المغربي في هذه القضية، بقدر ما تعكس فقط آراء المشاركين في هذا الاستطلاع.
وصلت نسبة مشاركات في هذا الاستطلاع إلى نسبة 22,9 % ، كما بلغت مشاركة الرجال نسبة 77,1 % من مجموع المشاركين.
أظهرت النتائج المستقاة من خلال هذا الاستطلاع أن نسبة المشاركين الذين تقل أعمارهم عن 30 سنة، قد بلغت نسبة 46.7 %، في حين تحددت نسبة المشاركين الذين تتراوح أعمارهم ما بين 30 و40 سنة في نسبة 25.9 %، و 13,3 % لأولئك الذين تتراوح أعمارهم ما بين 40 و50 سنة، وهي تقريبا نفس النسبة التي وقّعت عليها الفئة العمرية المشاركة في الاستطلاع الذين تزيد أعمارهم عن 50 سنة، إذ استقرت في مساهمتها بنسبة 13,8 % .
يشكل المشاركون ذوو المستوى التعليمي الجامعي نسبة 76,9 % والمستوى الثانوي بنسبة 12,3 %، أما بالنسبة لمستوى التكوين المهني فقد بلغت مشاركتهم نسبة 7,6 % . في حين مثل المستوى الابتدائي-الاعدادي بنسبة 3,1 % .
62,4 % من المشاركين يتوفرون على أحد أقاربهم (آباء أو أبناء أو إخوة) ضمن المغاربة المقيمين بالخارج.

السياق :
تزامن إنجاز الاستطلاع مع مجموعة من الأحداث الإقليمية والوطنية المرتبطة بشكل مباشر بموضوع الهجرة ولاسيما بالنسبة للمهاجرين الافارقة المنحدرين من جنوب الصحراء:
– ظهور بعض المجموعات ضمن شبكات التواصل الاجتماعي تتبنى خطابات العنصرية والكراهية من قبيل الدعوة الى عدم توطين المهاجرين وعدم تزويجهم من النساء المغربيات. غالبية أعضاء هذه المجموعات من مجهولي الهوية.
– انتشار مقاطع “فيديو” لبعض الأفارقة من دول جنوب الصحراء تتضمن خطابات عنصرية ضد سكان شمال إفريقيا، مدعية أن أراضي هذه المنطقة تخص الافارقة من جنوب الصحراء.
– انتشار مقاطع “فيديو” لممارسات بعض المهاجرين خصوصاً بمنطقة ولاد زيان بالدار البيضاء، والتي تظهر “احتلال” هذا الفضاء العمومي من طرفهم، وفي غياب أي تدخل للمجالس المنتخبة التي فضلت لعب دور المتفرج.
– تصريح رئيس تونس في 21 فبراير 2023 المتبني لحمولة عنصرية ضد المهاجرين الافارقة المقيمين في تونس والذي استنكر من خلاله تدفق “جحافل المهاجرين غير النظاميين” من إفريقيا جنوب الصحراء، مؤكدا أن هذه الظاهرة تؤدي إلى “عنف وجرائم”، وحيث زعم قيس سعيد من خلالها إلى ما أسماه بـ “ترتيب إجرامي تم إعداده منذ مطلع هذا القرن لتغيير التركيبة الديموغرافية لتونس”، هذا التصريح قوبل بالرفض من طرف الاتحاد الافريقي، وعدد من المنظمات الحقوقية والنخب السياسية في المنطقة المغاربية وفي إفريقيا.

اهم النتائج:
– يعتقد 86% من المشاركين في الاستطلاع أن تزايد عدد المهاجرين سيصبح إشكالية يعاني منها المغرب في المستقبل.
– قدم 59 % من المشاركين مساعدات مالية مباشرة للمهاجرين المقيمين بالمغرب.
– لا يمانع 44% من المشاركين في أي يصبح المغرب بلد استقبال للمهاجرين الأفارقة من جنوب الصحراء، حيث يقبل 37 % منهم بشروط. في حين أن 55 % يرفضون أن يتحول المغرب الى بلد استقبال.
– لا يوافق 66% من المشاركين على أن يصبح المغرب بديلا للإقامة الدائمة للمهاجرين الأفارقة من دول جنوب الصحراء الذين لم يتمكنو من الولوج الى أوربا ولا يرغبون في العودة الى بلدانهم الأصلية، في حين أن 25 % يوافقون على ذلك بشروط.
– يرفض 72% من المشاركين لعب المغرب دور دركي حدود لصالح أوربا، من أجل منع دخول المهاجرين الى المجال الأوربي، في حين أن 18 % يوافقون لكن بشروط.
– يرى 87% من المشاركين وجوب تعزيز مراقبة الحدود المغربية لمنع ولوج مهاجرين آخرين الى المغرب، في حين أن 7 % لا يرغبون في ذلك و7 % بدون رأي في الموضوع.
– يشدد 67% من المشاركين على فكرة كون دول الجوار وخصوصا الجزائر تتساهل مع دخول المهاجرين إلى التراب المغربي، في حين أن 10 % يرون العكس و23 % بدون رأي.
– حصر المشاركات والمشاركون معقيات الاندماج في المجالات التالية: المعيقات الاقتصادية (22,2 %) والاجتماعية (20,9 %) والثقافية (20,1 %) والدينية (15,2 %) واللغوية (15,1 %) ومعيقات اخرى (6,6 %).
– بناءً على النتائج، يتضح أن مشاركة الفئة العمرية دون 30 عامًا تظهر بعض مؤشرات ارتفاع منسوب عدم التسامح لديها تجاه المهاجرين مقارنة مع باقي الفئات العمرية المشاركة في الاستطلاع، تتجلى هذه المؤشرات في النتائج التالية:
– رفض 53% من الأشخاص الذين تقل أعمارهم عن 30 عامًا تمكين المهاجرين من الولوج الى الخدمات الاجتماعية من قبيل الصحة والتعليم، في حين أن هذه النسبة لا تتجاوز 26% بالنسبة لباقي الفئات العمرية.
– 58% من المشاركين دون 30 سنة لا يقبلون بإدماج المهاجرين كمسـتخدمين أو عمال في المقاولات والشركات بالمغرب في حين أن هذه النسبة لا تتعدى 32 % لدى الفئات العمرية الأخرى.
– 58 % من المشاركين دون 30 سنة لا يقبلون أن يجاورهم في السكن مهاجر، مقابل 37 % لدى الفئات العمرية الأخرى.
– قدم 70% من المشاركين الذين يتجاوز عمرهم 30 سنة مساعدات مادية للمهاجرين مقابل 46 % فقط بالنسبة للأشخاص دون 30 سنة.
– يرى 79% من المشاركين دون 30 سنة أن العدد الحالي للمهاجرين بالمغرب مرتفع في حين أن هذه النسبة تنخفض إلى 59 % لدى باقي الفئات العمرية الأخرى.
– يعتقد 71% من الفئات العمرية التي تقل عن 30 سنة، أن المهاجرون يساهمون في ارتفاع نسبة البطالة لدى الشباب، في حين أن هذه النسبة تصل إلى 48 % لدى باقي الفئات العمرية.
الخلاصات
– من خلال المعطيات السابقة يتأكد أن المغرب، وعلى غرار باقي الدول المتواجدة ضمن مسارات الهجرة نحو أوروبا، ليس الوجهة المستهدفة للمهاجرين في مشروعهم التنقلي، بل يعتبر أحد البوابات المتاحة أمامهم للمرور نحو “الفردوس الأوروبي”. هذا “الباب” المغربي يعرف التشديد في إجراءات المراقبة الحدودية، مما يضع المهاجرين في وضعية “مهاجرون فرض عليهم الاستقرار في المغرب”. أمام ثلاث حالات :
– الاستقرار المؤقت في انتظار الفرصة المناسبة وانتظار الدور للعبور الى أوروبا
– الاستقرار النهائي والإندماج في النسق الاجتماعي المغربي
– العودة الى بلدانهم الاصلية مستفيدين من الدعم المخصص لذلك.
– تبوث المسؤولية التاريخية للدول الأوربية “الاستعمارية” في الوضعية الحالية الهشة للقارة الافريقية نتيجة استغلال ثرواتها من طرف المستعمر في تنمية بلدانها، ومسؤوليتها في العديد من الأزمات التي تعرفها القارة الأفريقية، وغياب إرادة حقيقية لجبر الضرر وتنمية القارة.
– المقاربة الأمنية التي تتبناها الدول الأوروبية والمبنية على التشدد في المراقبة والإغلاق الحدودي والتجريم القانوني للهجرة لم تنجح في تقليص أعداد المهاجرين غير الشرعيين، كما أن تجاهل الأسباب الأساسية والدوافع الحقيقية للهجرة غير الشرعية، من قبيل الظروف الاقتصادية والاجتماعية التي يعاني منها المهاجرون، حد من نجاعة السياسة الاوربية في المجال، وأكد على أن هذه السياسية تهدف أساسا إلى تصدير إشكالية تدبير الهجرة الى بلدان العبور وتحويلها الى بلدان الاستقبال المؤقت او النهائي للمهاجرين غير الشرعيين.
– هناك تنامى خطابات الكراهية لدى الشباب (أقل من 30 سنة) والبعيدة عن قيم التسامح التي يتميز بها الشعب المغربي، وهي الظاهرة التي يمكن تفسيرها بما يلي من أسباب:
– ردة فعل ضد الظروف الاجتماعية والاقتصادية التي يواجهونها خصوصا البطالة المنتشرة بين الشباب، حيث أن العديد من التعليقات المرافقة لمنشور الاستطلاع على مستوى الفيسبوك تم التعبير عنها بشكل مباشر، وبحسابات فيسبوكية مكشوفة الاسم و الهوية، مع التأكيد على أن البعض من تلك التعليقات كانت قاسية أو محرضة على الكراهية.
– موقف بغض الشباب المغربي، جاء كردة فعل ضد خطابات بعض المهاجرين الذين يدعون أن شمال إفريقيا هي للأفارقة من جنوب الصحراء. بحيث ان العديد من هؤلاء الشباب برر موقفه المتشدد بتطرف خطاب بعض المهاجرين.
– استحضر العديد من المشاركين أطروحة كون المغرب بلد مصدر للمهاجرين ويتوفر على جالية مهمة في الخارج، وبالتالي وجب معاملة المهاجرين المقيمين بالمغرب بنفس الطريقة التي يريد المغاربة ان تعامل بها جاليتهم بالخارج.
– أتاح التعامل السطحي لبعض المجالس المنتخبة مع مشكلة احتلال المهاجرين للفضاءات العامة في مناطق حساسة، مثل منطقة أولاد زيان بالدار البيضاء، فرصة لرافضي الهجرة لتشويه صورة المهاجرين وتخويف المغاربة من خطر الهجرة، وقد ساهم كذلك ضعف التعامل مع ظاهرة التسول المنظم في بعض المدن في نشر صورة سلبية عن المهاجرين بين المغاربة.
– رغم ترحيب العديد من المغاربة بالمهاجرين على أرض المغرب للاستقرار والعيش فيه، إلا أنهم يطرحون مجموعة من الأسئلة بخصوص قدرة المغرب على تلبية حاجيات شبابه، فما بالك بهذا العدد من المهاجرين المفروض عليهم الاستقرار بالمغرب دون إرادتهم.
– مسؤولية تدبير مسألة الهجرة لا يجب أن تنحصر في الحكومة فقط بل هي مسؤولية مشتركة بين الفاعلين العموميين والجمعويين والاقتصاديين والاعلاميين، نحو ضمان الحماية الاجتماعية للمهاجرين وإدماجهم في النسيج الاقتصادي الوطني وتحسين عملية ولوجهم إلى الخدمات العمومية.

التوصيات
– ضرورة مراجعة دور الدركي الذي يقوم به المغرب، خاصة وأن هذا الدور وبالقدر الذي يريح أوروبا من أعباء اقتصادية واجتماعية وحقوقية، فهو يثقل كاهل المغرب على جميع هذه الأصعدة ويقوض مجهوداته السابقة ويرهن مستقبل تدبيره لظاهرة الهجرة، وإضافة إلى كل هذا وذاك، فهو يساهم، باستمراره في أداء دور دركي الهجرة، في تنامي ظاهرة العنصرية ويغذي معضلة التحريض على الكراهية.
– ضرورة التعامل الحذر مع تحول موضوع الهجرة إلى أداة جيو-استراتيجية للضغط والابتزاز من قبل دول الشمال على دول الجنوب، بغرض تحويلها إلى دركي في مجال محاربة الهجرة غير النظامية دون النظر إلى العوامل التي تفرض هذه الظاهرة، مثل ضعف التعاون الدولي في مواجهة تجارة البشر، والأسباب الاقتصادية والاجتماعية التي تحفز تدفق الهجرة غير الشرعية، والتي تقع مسؤولية تنظيمها على كافة الدول بصفة مشتركة ما بين دول المنشأ ودول العبور ودول الاستقبال.
– ضرورة العمل على عدم ظهور نقط بؤرية تعطي الانطباع على أن هناك احتلال لبعض الأماكن العمومية من طرف المهاجرين خصوصا في المجال الحضري.
– العمل على نشر قيم التسامح والعيش المشترك وثقافة حقوق الإنسان، مع ضرورة إشراك هيئات المجتمع المدني في السياسات العمومية الهادفة الى إدماج المهاجرين من جنوب الصحراء.
– دعوة المؤسسات الوطنية من برلمان والمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي والمجلس الوطني لحقوق الانسان إلى تقييم السياسات العمومية المعتمدة في مجال الهجرة وذلك ضمن اختصاصاتها الدستورية.
– العمل على إقرار قانون يجرم كل أشكال التمييز والعنصرية تماشيا مع الدستور ومع التزامات المغرب الدولية في مجال حماية حقوق الإنسان.

للتواصل :
– رشيد الصديق، رئيس المركز المغربي للمواطنة – 0661377144
– عادل تشيكيطو، رئيس العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان – 0661121579

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock