أخبار جهويةأخبار محليةأخبار وطنية - دولية

خلل في البيئة

ميديا كوم ... جريدة إلكترونية ... شاملة - MEDIA COM ميديا كوم ... جريدة إلكترونية ... شاملة -  MEDIA COM

محمد شحلال
تقترن موجة الجفاف التي تعاني منها بلادنا منذ سنوات،بظواهر لا تخلو من غرابة وهي ظواهر لم نعهدها،وقد يكون فيها ما ينذر بما يرج الحياة رجا.
وهكذا،وبحس البدوي الوفي لبداوته،فقد لاحظت منذ ما يقرب من من عقد بأن طائر الشحرور الذي أحببته منذ صغري،قد شذ عن القاعدة الأزلية،واصبح يغني معزوفته الشهيرة خارج الوقت.
لقد كان هذا الطائر لا يشرع في توزيع انغامه من قمم الأشجار حتى يحل فصل الربيع،وها هو الان يغرد قبل الأوان فوق جدران بعض المباني،حيث أصادفه وقت الغسق وانا ذاهب الى المسجد،وقد ملأ الأفق بالحانه منذ شهر أكتوبر.
وعندما حللت بمسقط الرأس قبل ثلاثة أسابيع،فوجئت بطيور اليمام وقد عدلت عن الهجرة.
لقد اعتدنا أن نستقبل اليمامة أو،،اثمالا،،باللغة المحلية،بداية شهر أبريل، لتغادر أواسط الصيف ،لكنها فضلت تمديد الاقامة هذه السنة لأسباب لا يعلمها الا الله،وصارت تزاحم الدجاج في طعامه كما أعاين ذلك كل يوم قبل أن تصطف على خيوط الكهرباء بعد نيل حصتها من الغذاء.
ولعل ما يثير الانتباه كذلك في هذه الأجواء غير المعتادة،هو غياب البوم الذي كان من الطيور التي لا يخلو منها المكان،حيث تعلن عن حضورها بعد حلول الظلام عبر أصوات يتشاءم منها البدو،لكن مواطنها في البيوت المهجورة والاشجار المنيعة، قد خلت الان من هذا المخلوق الذي يتشبث بالحياة ولا يضطر للهجرة كما هو الحال بالنسبة للعديد من الطيور.
لم أجد من الطيور الوفية لموطنها الا القبرة التي تراقب حركاتي وأنا اذرع البستان بحذر،وربما وجدت بالمكان ما يوفر لها الطعام.
والغريب في أمر طائر القبرة أنه يلازم أماكن معينة بالتوارث،والدليل على ذلك أنه يتكاثر في بعض هذه الأماكن
التي أعرفها منذ طفولتي الأولى ومازال وفيا لها،بل انني لا أجد صعوبة في اكتشاف أعشاشه خلال فصل الربيع بفضل ما تراكم لدي من خبرة في هذا المجال.
والى جانب الخلل الذي اعترى نظام حياة بعض الطيور،فان الأشجار لم تسلم من الاضطراب الذي تعرفه الطبيعة،ذلك أن معظم أشجار الفاكهة قد ظهرت البراعم في أغصانها قبل الأوان وفي عز الجفاف وقساوة البرد !
لقد أصبح باديا للعيان الان بأن نظام الكون قد ظهر فيه كثير من التحولات التي يصعب تفسيرها،لكنها تحولات تبعث على التوجس مما قد ينجم عنها من انعكاسات سلبية لا تخفى تباشيرها من خلال موت الأشجار المعمرة وتناقص المياه بشكل مهول،فهل تتدارك البشرية نفسها قبل أن تصبح الحياة حبلى بالمفاجات غير السارة؟
نسأل الله أن ينزل علينا غيثا كافيا يعيد البسمة للوجوه بعدما ضاقت الأرض على الأهالي بما رحبت.

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock