أخبار جهويةأخبار محليةأخبار وطنية - دولية

من أوراق أهل الفن

ميديا كوم ... جريدة إلكترونية ... شاملة - MEDIA COM ميديا كوم ... جريدة إلكترونية ... شاملة -  MEDIA COM

شحلال محمد


شهدت الفترة الأخيرة، أفول نجم عدة وجوه بصمت الساحة الفنية المغربية،وكان الدور قد أتى على فنانين أصيلين، ينتميان الى ،،تامغرابيت،،قلبا وقالبا،ويتعلق الأمر بالعزيز نور الدين بكر( صويلح)، والسيد فتح الله المغاري،حيث لم يفصل بين رحيلهما الا يوم واحد.
عرفنا المغاري صاحب المواويل ونحن ندخل مرحلة الشباب،وكنا اسارى طفرة غنائية تتعذر فيها المفاضلة بين أصوات رائقة ظهرت متزامنة: فهذا مبدع،، القمر الأحمر،،وهذا الحياني صاحب،،راحلة،،وذاك الدكالي يسافر بنا في،،لا تكذبي،،دون نسيان باقي الأسماء التي ميزت عقدي الستينات والسبعينات بصفة خاصة.
وبمقابل المجال الغنائي،فقد زخر المسرح بوجوه سيحتفظ التاريخ بذكرها،من أمثال العربي الدغمي،ومحمد حسن الجندي والحبشي وعبد الرزاق حكم وحبيبة المذكوري وباقي الأسماء التي افتقدناها بمرارة.
واذا كان كل مخلوق منذورا لنهاية،فان الأسى والبكاء لن يرجعا عزيزا ولن يوقف حمام الموت،فان ما يثيرني في عالم الفنانين على اختلاف اختياراتهم،هي السوريالية التي تطبع حياة العديد منهم،بحيث لا تشفع مواهبهم في تمثل شخصياتهم المضطربة في حالات كثيرة.
وهكذا،فان المطرب الذي كان في وقت من الأوقات نموذجا في الرزانة والأدب والثقافة،قد تحلل في زماننا من جل الصفات التي ترتبط بالقيم، ليتحول الى جسر نحو الضياع وكفى ،حيث لم يعد خافيا على أحد بأن أتباع المطربين أكبر من أتباع أعرق الأحزاب لما يشيعه هؤلاء ،،الفنانون، من أجواء المجون ، والسقوط الأخلاقي اللذين تحولا الى أقصى الرغبات في مجتمعنا المعاصر.
ولعل من المفارقات التي تستوقف المتابع للشأن اليومي ببلادنا،تلك الهالة التي تواكب صعود معظم المطربين الى حلبة الغناء،حيث كانت حالة المطرب الشعبي،،الستاتي،،اقرب مثال الينا عندما تطلب الأمر خفرا من رجال الدرك لمرافقته في الذهاب والاياب،بينما لا يجد العلماء والمفكرون من يحاورهم او ينصت لهم !
لقد انتشرت في وسائل التواصل الاجتماعي مؤخرا، صورتان تلخصان حالنا،حيث تحيط عشرات الميكروفونات بالمغنية دنيا باطما،بينما لم يقابل العالم اليزمي الا صحافيان علما بأن هذا العالم قد هز العالم باختراعه لنموذج من البطاريات الثورية بكل المقاييس !
هذا جانب من سجل الفنانين،لكن الأهم فيه حسب نظرتي الساذجة للأمور،هو هذا التباكي الفاضح الذي يبديه معظم الفنانين حينما تتحزب بهم الأمور،حيث يلتفتون متأخرين الى الدولة ليصبوا عليها جام غضبهم محملين اياها مسؤولية ما الت اليه اوضاعهم.
لا يحق لاي كان أن يتنكر للفنانين ودورهم في حياتنا الاجتماعية ،خاصة منهم اؤلئك الذين يتسامون في اداء رسالتهم النبيلة في تهذبب النفوس، وبناء الانسان المواكب للعصر،غير أن البكاء المتأخر واظهار المظلومية في حالات عديدة،ينيغي الا يحجب عنا حقيقة مرة،وهي أن بعض الفنانين في مجالات مختلفة،كثيرا ما تدفعهم عائدات سهراتهم السمينة الى عوالم الملذات التي لا نهاية لها،حيث يبتلون بكل انواع الموبقات من خمور وقمار وفساد ينسي في ادخار الدرهم الأبيض لليوم الأسود.
ان انسياق الفنان وراء الملذات يعبد أمامه طريق الافلاس والضياع،حيث يبدع على الخشبة،لكنه يعجز عن بناء اسرة متماسكة،اذ ينفصل جل الفنانين عن زوجاتهم بفعل النجومية الزائدة عن الحد،ومن ثم تتفكك الأسرة ويتسلى الفنان بمطاوعة أهواء النفس الى ان يجف عوده.
الم يكن عمر الشريف احد ابرز الفناني العالميين الذين كانوا ضحية النجومية؟ الم يفلس الموسيقار فريد الاطرش بسبب افة القمار ؟
لقد أصبح جل الفنانين ينتظمون في نقابات تحمي حقوقهم درءا لسوء الخاتمة،لكن بعض هؤلاء مازالوا يتمردون على الامتثال حتى اذا باغتهم المرض والعوز،خرجوا للعويل في الشارع لتكفير الدولة .
وبمقابل الفنانين المتباكين بعد فوات الأوان،فان هناك من تفطنوا،،لدواير الزمان،،فاخذوا حذرهم او انصرفوا قبل تحول الأحوال،مثلما فعل ذ.عبد الهادي بالخياط والمطرب الامازيغي،،بناصر أوخويا،،الذي صرح في لقاء صحفي بأنه اعد العدة مبكرا ليترك الفن وقد أمن حياته بما ادخره.
ومن غير ادنى نية في التشفي المجاني بحق أي فنان،بقدر ما أتمنى حسن الخاتمة للجميع،فان امرا اخر يثيرني في شخصية العديد من الفنانين.
وهكذا،فان بعض هؤلاء،،النجوم،،يأبون الا أن يختلفوا عنا في كل شيء،ولا بد ان يستوقفك في،،لوكهم،،أمر يثير الغرابة:
فهذا يعفي شعر رأسه ولحيته حتى يبدو في صورة ناسك هندي في معبد مهجور،وذاك يلبس لباسا ربما بناء على مواصفات استثنائية،واخر يزين معصميه واصابعه بدمالج وخواتم مثيرة…
وبما أني كنت أرى هذه الغرابة على سبيل المثال في شوارب الفيلسوف ،،نيتشه،،والاديب ،،فلوبير،،وكارل ماركس،فما القيمة المضافة التي يبحث عنها معظم فنانينا ان لم يكن العيش بهجين من الشخصيات ،بل ما الذي يفقده هؤلاء ان قابلونا بلوك الرجل العادي ؟
لقد عشقنا صباح فخري وفيروز وبالخياط كما هم،بل ان أصواتهم قد أنستنا في مظهرهم،ذلك أن النحلة التي تصنع العسل لم تتخل يوما عن جناحيها.

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock