أخبار جهويةأخبار محليةأخبار وطنية - دولية

قيس الانقلابي يستقبل إبراهيم الانفصالي…!!

ميديا كوم ... جريدة إلكترونية ... شاملة - MEDIA COM ميديا كوم ... جريدة إلكترونية ... شاملة -  MEDIA COM

بقلم: إدريس الواغيش

لم أعد مهووسا، كما كنت من قبلُ، ولا مهتما بالشأن السياسي، حتى أنني لم أعد أعرف كثيرا من أسماء وزراء الحكومة في بلدي، يكفيي أن أكون مهتما بما هو ثقافي، ولكن حينما يصبح الأمر شأنا وطنيا تتغيّر المعادلة عندي. تابعت مثل غيري من المغاربة استقبال الرئيس التونسي الانقلابي قيس السعيد من يسمى ابراهيم الانفصالي على أرض تونس الخضراء التي لم تعد كذلك، بكل ما يلزم من بروتوكول رئاسي في القصر والقاعة الشرفية، وقد لبست ما استطاعت من دروع العداء للمغرب، وهو ما يمكن أن تعتبره جهات معادية اعترافا ضمنيا بجمهورية الانفصال الوهمية، وهي تعرف كما غيرها أن مغربية الصحراء قضية وطنية لا تقبل المساومة عند المغاربة ملكا وحكومة وشعبا، ومن خلال مغربيّتها وعيونها يميز المغاربة بين أصدقائهم وأعدائهم، وأيضا لأن “الصحراء هي النظارة التي يرى بها المغرب للعالم” كما جاء في خطاب جلالة الملك محمد السادس.
تعوّدنا من الحكومات المتعاقبة على تونس منذ عهد الرئيس الحبيب بورقيبة وبنعلي على عقيدة مفادها أن تكون تونس محايدة في هذه القضية الشائكة، حتى اعتلى قيس السلطة واتقلب على نفسه بالشكل الذي عرفناه وما جاء بعده من متغيرات، وخان تاريخ تونس وحيّاديتها وأقحمها قسرا في ملف أكبر من حجمها. أما حكام المرادية في الجزائر فقد ألفنا في المغرب استفزازاتهم وتعودنا على حماقاتهم وعدائهم المزمن لوحدتها الترابية، وأضحينا نتعامل معهم بكل ما يلزم من صرامة وحزم. ولكن أن يأتي الطعن من الخلف ومن رئيس دولة عربية نعتبرها شقيقة مثل تونس، فهذا فعل استفزني شخصيا، كما استفز كل المواطنين المغاربة، إن لم يكن قد أوجعني. وقد كان لي أن أقبل ذلك بصفتي مواطنا مغربيا عاديا لا يمثل أي جهة رسمية من دولة أجنبية أخرى غير عربية، وأقول أن الأمر يتعلق بملف سياسي عادي يهم وزيرنا في الخارجية، وهو أقدر وأجدر بحنكته السياسية المعهودة على تدبيره وإدارته، كما دبر وأدار بجدارة ملفات أصعب، وعشنا معه بقلوبنا ما جرى من توترات سياسية وزخم أحداث مع حكومتي إسبانيا وألمانيا وما رافق ذلك من تقلبات في علاقاتنا معهم، بالرغم من قوتهما العسكرية ونفوذهما السياسي والاقتصادي والمالي في أوربا والعالم، بالمقارنة مع وضعية تونس الضعيفة والهشة سياسيا واقتصاديا في المرحلة الراهنة على الأقل، ولكنهما بعد كل العناد اعترفا في الأخير بمغربية الصحراء، وطوي معهما ملف الصحراء المغربية بشكل دبلوماسي، كما سيطوى لاحقا هذا الملف مع فرنسا بعد أن تعترف بمغربية الصحراء، وهو ما سيحصل مهما طالت رمادية مواقف فرنسا السياسية.وضبابيها.
لن يكون قيس الانقلابي وحده من أخطأ الطريق إلى ليلاه في هذا القضية، فقد سبقه إلى ذلك فيديل كاسترو والقذافي وبومدين وبوتفليقة رحمهم الله، وبقيت الصحراء في مغربها والمغرب في صحرائه. ولذلك أقول بأن المغرب محصن من كل تحرشات هامشية، وأذكى مما ذهب إليه قيس الشخص ومن يقف وراءه في توريط تونس الشعب، والملف سيطوى في الأخير بكل حيثياته، ولن تتركه الدبلوماسية المغربية الحكيمة يأخذ أبعادا استراتيجية أكثر مما يستحق، ولن يتعدى ما رأيناه من هرولة في مطار قرطاج ومهزلة في قصرها، ولن يجرنا تهور قيس تونس إلى خصومة مع الشعب التونسي الشقيق، لأن ما يجمعنا مع التوانسة أكبر مما يفكر فيه رئيسها. وفي الأخير لا يسعني إلا أن أذكر بأن قيس قد أخطأ الطريق بسلوكه الطائش والمتهور، وليلى التي يبحث عنها لن يجدها في الصحراء المغربية، لأنها مرصودة بعيون يقظة لا تنام…!!

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock