أخبار جهويةأخبار محليةأخبار وطنية - دولية

إذا كان للمدن المغربية ما تفتخر به ، فإن لمارتيل مقبرتها

ميديا كوم ... جريدة إلكترونية ... شاملة - MEDIA COM ميديا كوم ... جريدة إلكترونية ... شاملة -  MEDIA COM

عزيز باكوش

إذا كان للمدن المغربية ما تفتخر به ، فإن لمارتيل مقبرتها ، كما لها حق الصدارة في تكريم الموتى والاعتناء بهم من حيث جمالية الفضاء وهندسته وجاذبيته .


وإذا جاز تصنيف مقابر المسلمين بالمملكة ، فإن لا أحد سوف ينازع منح النجوم الخمس لإقامة موتى المسلمين بمارتيل .
أقول هذا الكلام ،وأضع يدي على قلبي ، خوفا على مصير من التحق بالرفيق الأعلى وسلم الروح إلى باريها بفاس العاصمة العلمية للمغرب واأسفاه . هذه البقعة المجيدة التي يمتد تاريخها إلى 12 عشر قرنا ، لم تعد عاصمة علمية بالمدلول الصحيح للكلمة ،إلا من حيث أرشيف الذاكرة والتراث المنسوخ والمستهلك إعلاميا .فاس ، هذه الهبة الربانيةبكنوزها التاريخية ، شرعت بدورها في التآكل والاهتراء ، نتيجة واحد من أخطر عمليات الاستهتار في التاريخ على الإطلاق . فالأسوار التاريخية تتآكل ويتداعى بنيانها يوما بعد يوم ،أمام أعين سماسرة الانتخابات اليوم، هذه الفئة من المنتخبين المارقين ، الذين لاهم لهم ،سوى امتلاك أجمل البقع ،والاستحواذ على أكبر المساحات ،وتوزيعها بمنطق الكعكة ،فضلا عن نفخ الأرصدة في البنوك ،وبناء المقالب للخصوم وتوريطهم بعد نهاية الحقبة .

فلماذا لا تتوفر العاصمة العلمية للمملكة على مقابر للمسلمين تليق بتاريخها التليد تراعي حرمة الموتى وكرامة الإنسان الميت ؟ الجواب ببساطة ، لأن من لهم صلاحية التدبير للشأن الاجتماعي مجرد سماسرة عقار، ومنهشي تجزئات ،وإقطاعيين ليس إلا ، ومن سماع طريقة نقاشهم ،وأسلوب الحوار والألفاظ المتداولة خلال الدورات ،سيضع يده على قلبه خوفا على مصير الوطن
وعلى عكس مقبرة مارتيل حيث لا تؤدي أسرة الهالك مصاريف الدفن ، فمقابر فاس لا صون فيها لكرامة الموتى ،ولا هندسة مجالية في ترتيب القبور ، يمكن معاينة كافة أنواع المشاهد المقززة ، فضلا عن كونها مراحيض عمومية ومزابل ومطارح نفايات صلبة وسائلة .
نعم ، من حق ساكنة مارتيل، الافتخار اليوم وغدا بمقبرتهم على الصعيد الوطني ،إن على مستوى الهندسة وترتيب المجال، أو على صعيد الصيانة الاعتيادية والجاذبية والإيثار.

إن تخليد هذا الأثر الجميل في نظري بالتقاط صورة أمام مقبرة مارتيل ، أفضل مائة مرة بأخذها أمام عمارة أوفندق أو حتى جزء من الكورنيش الممتد حتى التخوم .
وأنت تلج مارتيل قادما من تطوان ، تصادفك نخلتين توأمين ،تنعطف يسارا نحو الشارع العريض الطويل الفسيح الجانبين ،المعروف بالبيت العتيق ،ثم تنعطف يسارا ثم يمينا، فترى سورا ناصع البياض، جميل المظهر، يميزه طلاء باللون “السماوي” وهو اختيار رمزي في المعمار والهندسة المجالية في بعض مدن الشمال، أما اللوحة الناطقة بالعربية، فقد كتبت بخط عربي غاية في التناغم والإبداع . وقد أثث المدخل من المقبرة ، مساحات خضراء غير مهملة ،وحارس أمن ملازم .ولا حرج على الإطلاق في تسميتها بالمقبرة النموذجية بالمغرب . ويبدو أنها تستفيد بشكل منتظم وقار من أشغال الصيانة والتهيئة المجالية ، وهندستها تسمح للدفن في كل الفصول بما في ذلك الماطرة .
ويمكن للزائر أن يرى براعة التوزيع ودقة الهندسة والتعامل الذكي بل المنطقي مع الفضاء المخصص للمتوفى ، تمة مساحة مخصصة لدفن الأطفال ومساحة مخصصة للمهاجرين المغاربة ، ولعل ما يثير الانتباه ، هو عدم التمييز بين الموتى ، شكل القبر واحد ، سواء كان وزيرا أم عامل حرفيا .وليس كما هو الشأن في مقابر فاس ،حيث الطبقية في إقامة الموتى ، حيث يتحول القبر إلى صالون بشرفة . فكل الموتى بمارتيل متساوون أمواتا ،رغم اختلاف مراتبهم في الحياة .

وتتميز الهندسة الداخلية للمقبرة بذكاء وحس إنساني بديع ، فهناك أرصفة للمرور بين القبور، و شجيرات تحيط بكل مساحة، والقبور متشابهة وفق تاريخ الوفاة . ويمنع إطلاقا التمييز بين القبور أو إحداث أي خلل بهندسة المقبرة…..

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock