أخبار جهويةأخبار محليةأخبار وطنية - دولية

بوح البراءة

ميديا كوم ... جريدة إلكترونية ... شاملة - MEDIA COM ميديا كوم ... جريدة إلكترونية ... شاملة -  MEDIA COM

محمد شحلال
لعل أكبر القواسم، بله الهموم المشتركة بين الناشئة المعاصرة،تتجسد في ،،النضج العاطفي،، المبكر،حيث ربما كان من غير المبالغ فيه الجزم بأن أطفالنا مهووسون بالعشق السابق لأوانه.
إن متابعة بسيطة لسلوك التلاميذ،تكشف عن تنافس شديد بين المتعلمين للفوز بقلوب الفتيات ،مسلحين بشتى المكملات،من قبيل ،،اللوك المتميز،،والتباهي بآخر أجيال الهواتف الذكية والدراجات النارية التي تصم الآذان أمام مؤسسات فقدت حرمتها.
كان،،العشق،،شعورا دفينا في نفوس المتعلمين ذات زمن، رغم أن هذا النزوع ،هو في الواقع استجابة لحاجة طبيعية في الإنسان،لكن الأجيال السابقة،كانت تحرص على التسلح بالتحصيل قبل الانسياق وراء أهواء النفس الأمارة ب…
لقائل أن يعتبر ما يحصل أمام أعيننا،تحصيل حاصل أفرزته التحولات الاجتماعية المتسارعة،لكن استقالة الجهات المعنية بتقويم الناشئة،قد نجم عنه ظهور جيل ينتصر للعاطفة على حساب المعرفة التي يتوقف عليها مستقبله،ولعل مواطن ضعف عقول شبابنا،،المتعلم،،تظل بين أيدي مصححي امتحانات المباريات، والمقابلات المؤهلة للوظائف،حيث يرى ويسمع العجب.
ليست الناشئة في البوادي ببعيدة عما يحصل في الحواضر،فالظواهر الاجتماعية لا تقف في طريقها الحواجز،خاصة في ظل تناسل وسائل التواصل،لذلك فإن القصص الغرامية بين الناشئة،تتناسخ بشكل رهيب،وحسب المهتم أن يستدرج أول طفل حتى يفتح قلبه،ليدرك مدى اختلال الأولويات في زماننا.
في الأيام القليلة الماضية،وخلال زيارتي لمسقط الرأس،كان للصدفة دور في أن أسمع بوحا عاطفيا لايقل وقعا عما يبثه برنامج،،سمير الليل للسيد ،،مصطفى الهردة،،وهو يجر بعض الناس لكشف الغطاء عن انكساراتهم ونشر غسيلهم القذر دون أن يتعظ الناس !
كان الطفل إلى جانبي حينما أقعى كلب الأسرة بالقرب منا،وهو كلب حديث العهد بتقديم خدماته،فهو كلب في مقتبل العمر،ويحمل اسما عصريا،وينفرد كذلك بلوك لافت.
تأمل جليسي حيوانهم الأليف،ثم سرعان ما بادر إلى إبداء حسرته،ذلك أن هذا الكلب قد فقد،،عشيقته،،الساحرة في حادث مرور مروع.
لقد خرجت العشيقة في جولة مع رفيقها وابتعدا عن البيت،وفي طريق العودة،داستها مركبة وهي تهم بقطع الطريق المعبدة لتموت على الفور.
أبدى الطفل كثيرا من الأسى والحسرة وهو يصف حالة الكلب المكلوم،وكيف أنه قد ضاق ذرعا بالحياة بعد الحادث المأساوي،حيث تخلى عن كثير من غرائزه،ولم يعد يهتم بالطعام.
سمعت مرافعة الطفل كاملة وهو يصف ما حصل بأمازغية قحة،ثم ما لبث أن جرني لسماع معاناته التي لا تقل مرارة عن مرارة الكلب.
روى الطفل ببراءة كيف أن قلبه موزع بين فضاءين : فهو يقيم هنا حيث يعيش الكلب غير المحظوظ،لكن عقله وقلبه يرحلان يوميا إلى هناك، أين تعيش معذبته على بعد كلمترات.
لم يخف أن صورتها تحاصره كلما هم بفتح كتاب أو إنجاز تمرين،ولا يهدأ له بال حتى يرافق والدته لزيارة قريبتها التي تقيم على بعد خطوات من مسكن معذبته.
يقول الطفل بأنه يقضي فترة الزيارة خارج البيت لعله يظفر برؤية من سلبت منه عقله فيتملى بطلعتها،حيث لا يشعر إلا وهو يلوح بيديه في كل الاتجاهات لعلها ترد بإشارة تطفىء نيران قلب في طور التشكل.
أصغيت للطفل بكامل الاهتمام، حرصا مني على أن يتخلص من الثقل الذي يعذبه ،بسلاسة، ومن دون أدنى اعتراض حتى ،،أضمن له كل الحق في التعبير،،لأحارب القمع المنهجي الموروث، لمشاعرنا وميولاتنا الطبيعية،لعلي أجد في النهاية مخرجا مشرفا لهذا الكائن الصغير وقد اكتوى عن بعد !
عندما أيقنت بأن جليسي قد خف عنه الحمل،سألته عن نواياه تجاه من يهوى،فلم يخف بأن هذه زوجته في المستقبل التي يريد أن يشق طرق الحياة منذ الآن وهي ملك،،يمينه،، !
سألت المتيم الصغير عن حصيلته في الفصل،فلما أيقنت بأنه ،،يهوى،،ويجتهد،أقنعته بأن أقصر الطرق إلى قلب هذه الفتاة،هو الجد والتحصيل،أما الهيمان وحده،فلا يضمن إكسيرا ولا زوجة تنسي في غيرها،حيث أقحمت الطفل في نظرية،، محمد شكري،،التي لم تر النور،حين سئل عن تأخره في الزواج،فأجاب :
سأفعل حين أجد امرأة تنسيني في كل النساء،وأنسيها في كل الرجال !
يتحدثون عن قاعات الإنصات في المؤسسات التعليمية،فهل ينصت الآباء إلى أبنائهم قبل غيرهم ؟ أم يتركون الحبل على الغارب حتى يسمعوا بناتهم وهن يكشفن عن ،،زمن الأخطاء،،الذي أجهض أحلامهن بسبب نزوة عابرة لم يقف في طريقها أحد…..

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock