أخبار جهويةأخبار محليةأخبار وطنية - دولية

قرية الصناع التقليديين بوجدة في حاجة إلى إنعاشها ومشاكل تنتظر حلولا استعجالية

ميديا كوم ... جريدة إلكترونية ... شاملة - MEDIA COM ميديا كوم ... جريدة إلكترونية ... شاملة -  MEDIA COM

تعرف الصناعة التقليدية بالجهة الشرقية عدة مشاكل وعوائق تنذر بفنائها وذلك لانقراض أناس عاشوا بها ومنها والتحقوا بربهم دون أن يتركوا ورثة لحرف مزقتها التكنولوجيا الحديثة ورفضها الشباب العصري.

قرية الصناع التقليديين بوجدة في حاجة إلى إنعاشها ومشاكل تنتظر حلولا استعجالية

عبدالقادر كتــرة

يستغرب المرء الزائر لقرية الصناع التقليديين بوجدة لقفرها وخلائها رغم جمالية هندستها وعدد محلاتها الثمانين ورغم كلفة بنائها التي تقدر بملايين الدراهم.” كان توزيع المحلات بالقرية في غير محله بحيث استفاد منها غير الصناع التقليديين.” يقول أحد الصناع الذي لم يبرح محلة منذ أن ولجه إلى يومنا هذا. بالفعل فإن أغلب المحلات بالقرية وعددها ثمانين لا تفتح منها أبوابها إلا ثمانية من أصل 12 لا زالت في حوزة أصحابها، وتبقى الباقية الأخرى ( دون احتساب أربعة مخصصة من طرف مؤسسة محمد الخامس للتضامن لقاعات تكوين الصناع التقليديين) مقفلة.

أهمية قطاع الصناعة التقليدية ومكانته ضمن النسيج الاقتصادي

يعكس عدد الصناع التقليديين بجهة الشرق أهمية هذا القطاع ومكانته ضمن النسيج الاقتصادي. ويقدر بحوالي 77 ألف صانع، وفق معطيات للمديرية الجهوية للصناعة التقليدية، حسب تقرير لوكالة المغرب العربي للأنباء بوجدة، ولا ينفك هذا العدد يسجل تزايدا واضحا، مع حضور ملحوظ للنساء الصانعات.

ويجدر التذكير، في هذا السياق، بأن 298 تعاونية (تضم ما مجموعه 2428 متعاونة ومتعاون) تنشط بالجهة، موزعة على عمالة وجدة أنجاد (82 تعاونية) وأقاليم الناظور (67) وفجيج (44) وتاوريرت (32) وجرادة (26) وبركان (25) والدريوش (14) وجرسيف (8).

وتوفر هذه التعاونيات منتوجات موجهة إلى السوق الوطنية والدولية. بينما بلغ عدد الجمعيات الفاعلة في القطاع 157 بما مجموعه 5633 منخرطة ومنخرط في متم العام 2018، وهي السنة التي سجلت فيها صادرات منتوجات الصناعة التقليدية عبر ميناء الناظور 42,20 مليون درهم، مقابل 13,34 مليون درهم في العام 2015، ما يعد تطورا كبيرا في هذا الصدد.

ووفق مسؤولي القطاع، فقد عرفت الجهة الشرقية منذ العام 2010 تسارعا لافتا في وتيرة إنجاز البنيات التحتية الموجهة للنهوض بالصناعة التقليدية وبالصناع وبتكوين المتعلمين في الوسط الحضري، وذلك في عمالة وجدة أنجاد كما في غيرها من أقاليم الجهة.

وتشمل هذه البنيات، من ضمن أخرى، دور الصانع وقرى الصناعة التقليدية والمركبات المندمجة للصناعة التقليدية، علاوة على خمسة مراكز للتأهيل المهني في فنون الصناعة التقليدية التي استقبلت خلال العام 2018 – 2019 ما مجموعه 335 من الشباب (232 فتاة)، فيما بلغ عدد المتخرجين في 2017 – 2018 ما مجموعه 106 من ضمنهم 90 فتاة.

ويستفيد الصناع التقليديون بالجهة من صيغ أخرى للتكوين، من قبيل التكوين المستمر عبر الوحدات المتنقلة التي استفاد من خدماتها في العام 2018 ما مجموعه 280 صانع من إقليمي تاوريرت وفجيج، وبرنامج محو الأمية الوظيفية الذي وصل عدد المستفيدين من مبادراته في 2016 – 2017 ألف و200 قرية الصناع التقليديين للحفاظ على فن تقليدي

بناء على اتفاقية الشراكة المبرمة بتاريخ 03 دجنبر 2001 بين مؤسسة محمد الخامس للتضامن(2 مليونين درهم) والسلطة الحكومية المكلفة بالصناعة التقليدية(1مليون درهم) ووكالة الإنعاش والتنمية الاقتصادية والاجتماعية في عمالات وأقاليم الشمال بالمملكة ( 9 ملايين درهم) ومجلس الجهة الشرقية(900 ألف درهم ) تم إنجاز قرية الصناع التقليديين بوجدة والتي تم تدشينها من طرف صاحب الجلالة الملك محمد السادس بتاريخ 13 نونبر 2003.

لقد فتحت قرية الصناع التقليديين بوجدة أبوابها فعلا بتنظيم معرضها الجهوي الأول وكانت هذه القرية التي تضم 80 محلا مهنيا وقاعة لعرض المنتوجات وقاعتان للتكوين، إضافة إلى إدارة القرية والمرافق. لقد خصصت لقطاع النسيج 27 محلا و6 محلات لقطاع الخشب و9 لقطاع الطين و8 لقطاع المعادن و5 لقطاع الجلد و21 محلا لصناعات مختلفة و4 محلات لقاعات التعلم.

من خصائص القرية أنها بناية فريدة من نوعها من حيث الهندسة المعمارية المحلية والمغربية وكانت جمعية الإبداع لقرية الصناع التقليديين بوجدة تؤطر الصناع والتي خول لها حق تمثيلية الصناع ومباشرة مشاكلهم وحلها والدفاع عن مطالبهم بتعاون مع مجلس التسيير لكن تناسلت المشاكل واستفحلت الأزمة نتيجة الصراعات والمصالح الخاصة إلى أن تقرر حلُّها والاستغناء عنها، في انتظار تأسيس جمعية أخرى مستقبلا بعد توزيع المحلات وتنظيم القرية.

مشاكل القرية بالجملة في حاجة إلى حلول مستعجلة

إن مشاكل القرية الأساسية تكمن في انعدام وجود إدارة قوية تسيرها وتسهر على تطبيق بنود التخويل الذي تم بموجبه منح المحلات إلى أصحابها ، مع العلم أن المدير الحالي على مشارف التقاعد ويروج أنه لن يتمّ تعويضه بموظف آخر تابع لمديرية الصناعة التقليدية، بل يتمُّ الدفع بما تبقى من الصناع في القرية إلى تأسيس جمعية توكل إليها مسؤولية التسيير وهو ما لن يتحقق بالعدد القليل من الصناع في انتظار إنعاش القرية وإحياء أنشطتها.

لقد انسحبت الإدارة التي أوكل لها أمر السهر على تسيير القرية وغاب مجلس التسيير الذي ساهمت مكوناته (ممثلو مؤسسة محمد الخامس للتضامن ووكالة تنمية أقاليم الشمال ومجلس الجهة ومندوبية الصناعة التقليدية وولاية الجهة الشرقية) في تشييد القرية حيث لا جهة تريد تحمل المسؤولية ولم يعد يتواجد بالقرية أحد يمثل السلطة وأصبحت خاوية على عروشها بل يمكن أن يقع حادث دون أن يوجد مخاطب أو يفعل أحد ما شاء بالقرية دون أن يكون هناك مراقب ولا محاسب.

إن مطالب الصناع الحقيقيين بالقرية غير مكلفة بحيث يقترحون تعيين جهة قادرة على تحمل المسؤولية حتى تكون المخاطب الواحد والوحيد بالقرية. إضافة إلى هذا ، يجب إشراك المعنيين بالأمر بالدرجة الأولى من الصناع التقليديين والأخذ بعين الاعتبار طلباتهم .

ولأجل تفادي الصراعات والنهوض بهذه القرية التي تعتبر بحق معلمة وتحفة بالمدينة الألفية يجب أن يمنح تسييرها للغرفة ممثلة في الرئيس بحكم تمثيليته للمنتخبين الممثلين للصناع ثم تمنح الإدارة لمدير يمثل الإدارة والسلطة في القطاع.

“إن تطبيق بنود كناش التخويل ومنح المحلات لصناع حرفيين تقليديين فنيين وتفعيل دور الجمعية وإقامة تظاهرات كتلك التي تم تنظيمها خلال شهر غشت الماضي لكفيل ببعث الروح لهذا المولود الجديد بوجدة والجهة الشرقية الهادف إلى حماية الحرف التقليدية من الاندثار والمحافظة على الموروث التفافي والهوياتي وإنعاش تجارة منتوجات فنية نادرة داخل الجهة وخارج المغرب بربط علاقات مع وفود أجنبية تزور المدينة لتقف على كنوزها… “، يؤكد احد الصناع التقليديين الذين لم يهجر دكّانه الذي يعتبره ورشة لإبداعاته ومنتوجاته الفنية الجديرة بالتقدير.

نداءات لَعلَّها تجِد آذانا صاغية

قام رئيس الغرفة الصناعية التقليدية محمد القدوري بزيارة إلى قرية الصناع التقليديين، الأربعاء 10 نونبر 2021، ووقف على الوضع المؤسف والمُحْزن لفضاء كان من المفروض أن يعِجَّ بالأنشطة والرواج والحركة الدؤوبة السياحية والتجارية، واستمع إلى بعض الصناع المتواجدين حيث طالبوا منه أن يبادر بإيجاد حلول للقرية قبل إعلان وفاتها والإسراع بتوزيع المحلات على الصناع التقليديين الذين وجهوا طلباتهم للاستفادة من الحصول عليها، وهي عملية لا يدري أحد لماذا تأخرت إن لم توصف بالتماطل ومتى تتحقق.

من جهة أخرى، من المفروض أن تتولى هذه العملية لجنة مختلطة من المسؤولين المحليين والمنتخبين والساهرين على الرقية بهذا القطاع إضافة إلى أصحاب الصنعة، تعتمد معايير ومقاييس موضوعية تأخذ بغين الاعتبار الصنعة والكفاءة والتعهد بخمة القطاع بعيدا عن ما وقع في الماضي حتى لا تتكر مأساة هذه القرية الصناعية التحفة التي تحولت إلى فضاء مهجور قد يندثر مع الزمان إن لم تُولَى الاهتمام اللازم والواجب.

سبق للصناع التقليديين أن رفعوا نداءات إلى المسؤولين من السلطات المحلية والساهرين على قطاع الصناعة التقليدية، يستعرضون فيه وضعيتهم المزرية ومعاناتهم نتيجة سياسة تسببت في إفلاس قرية الصناع التقليديين، ملتمسين تدخلهم العاجل لإنقاذها وانتشالهم من الأوضاع المزرية الغارقين فيها بعد تراكم ديون الحرفيين تجاه إدارة القرية والركود التجاري الذي تعرفه القرية وأجبر العديد من الحرفين على عدم تسوية وضعيتهم المالية وبالتالي أداء المستحقات الشهرية بانتظام ثم الانسحاب والتخلي والهجرة إلى فضاء آخر.

“ما الهدف وما الغاية وما هي التبريرات التي يمكن تقديمها لاختيار تنظيم معارض لبعض الصناع الذين يوصفون بالتقليديين خلال فصل الشتاء، تحت الأمطار وفي مهب الرياح الحاملة للرمال والأتربة، وبساحة 9 يوليوز أو بساحة جدة بشارع محمد الخامس…لا الزمان ولا المكان مناسبين لذلك؟” يصرح أحد الصناع التقليديين الحقيقيين الذين رفضوا المشاركة في ما وصفه بالمعارض/الجوطية، مشيرا في ذات الوقت إلى إعدام المعرض الحقيقي بقرية الصناع التقليديين بوجدة الذي كان من المفروض أن ينظم خلال فصل الصيف وقت تواجد عمالنا في المهجر، وتم إلغاؤه الأمر الذي تسبب في إعدام الأنشطة بهذه القرية التحفة التي أصبحت مهجورة.

تعد معارض الصناعة التقليدية المنظمة على صعيد الجهة واجهة حقيقية لاكتشاف التقدم الذي أحرزه هذا القطاع في ما يتصل بالابتكار والتنظيم والتسويق وتحسين ظروف عيش الصناع التقليديين، حسب تقرير لوكالة المغرب العربي للأنباء.

وسبق للمدير الجهوي للصناعة التقليدية خالد دليمي أن صرح لنفس الوكالة ( يونيو 2019):” إن هذا النوع من التظاهرات يسعى إلى تثمين منتوجات الصناعة التقليدية ودعم الصناع وتحسين مؤهلاتهم ومداخيلهم وإشراكهم في المبادرات التنموية المحلية وفي الدورة الاقتصادية للجهة”.

أغلب المحلات بالقرية وعددها 80 لا تفتح منها أبوابها إلا حوالي ثمانية دكاكين لصناعة وعرض بعض المنتوجات التقليدية، فيما تبقى الباقية الأخرى مقفلة لكون أصحابها غير معنيين بتنشيط القرية وليس لهم على ما يبدو منتوجات فنية تقليدية التي خلقت من أجلها القرية. وعبر أحد الصناع التقليديين الحقيقيين عن أسفه من كون أغلب المحلات بالقرية كانت توجد بيد تجار “القطع المصنوعة التجارية” يملكون محلات تجارية وسط المدينة الألفية أو في فضاءات أخرى وليس بيد فنانين تقليديين مبدعين مبتكرين لتحف فنية…

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock