السطو على سوق الأكباش بالدارالبيضاء : هل بهذه الصورة سنقدم انفسنا للعالم

فريد بوجيدة
الفيديو الذي وثق السرقة ( سرقة الأكباش ) في الدار البيضاء ، بعد انتشاره (وقد انتشر بالفعل ) جعل الجميع يتساءل على لسان ناس الغيوان ” واش احنا هما حنا ” كيف أصبحنا ؟ ولماذا هذا السلوك العدواني على ملكية الناس ؟ هل بهذه الصورة سنقدم أنفسنا للغير ( السياح مثلا ) ، وحتى لوكان شراء أضحية العيد مسألة ضرورية ( وهي ليست إجبارية )، أيحق لهؤلاء المواطنين أن يهاجموا تاجرا بهذه الهمجية ؟ ما الذي يميز هؤلاء عن البدائيين والمتوحشين ؟
إن الأمر خطير جدا ، ومن وجهة نظر سوسيولوجية يمكن القول إن تحولا خطيرا داخل المجتمع ، وعلينا الانتباه إلى أن هذا السلوك ينم عن نزعة ” بربرية” مخفية تنتظر الوقت المناسب للظهور ، وهي ثاوية تتمظهر أحيانا بردود أفعال معينة ، وبأقوال هنا وهناك ، لكنها في العمق تشير إلى تمزق يحدث للنسيج المجتمعي ، أي نوعا من التفكك في العلاقات الاجتماعية والتي بنيت على منظومة من القواعد اعتقدنا أنها رسخت في شكل عقد اجتماعي يربط الناس ، هناك منظومة من القيم تتلاشى في لحظة معينة وتكشف عن الطابع المتوحش للمواطن ، هم ضحايا نعم لكنهم قنابل شبه عنقودية ، قابلة للانفجار ، وتحطيم ما بني من سنين …لايمكن تبرير هذا السلوك بالغلاء أو بالفقر ، بل هو اضطراب في الشخصية الجماعية ، وغياب مايشد الناس إلى ما نسميه ثقافة ، وميول خطير نحو الطبيعة باستخدام القوة اتجاه مواطنين آخرين ، وهو ينفي أي تبرير عقلاني ( الدوافع الاقتصادية ) ، وحتى إن لم يتحول إلى سلوك عام ، فإنه مؤشر اجتماعي مخيف ، كيف سنحمي المجتمع وممتلكات الناس ، وكيف نحصن الحريات الفردية ، وكيف نقي اختلافاتنا من سلوكات متوحشة ؟ أكيد أن هذه السلوكات تتكرر ، في الوقت الذي تستطيع أن تترجم عدوانيتها بدافع جمعي (الغلاء ) وبشرعية دينية ( العيد ) واختصار الهدف في ضحية أخرى ( التاجر ) …لكن السؤال هو كيف لمجتمع يدعي الأخلاق ولا يلتزم إلا بوجود قوانين رادعة ؟ وهل نحن في حاجة إلى إعادة بناء المواطنة من جديد من أجل حماية الأمن الاجتماعي ؟.. فريد بوجيدة