أخبار جهويةأخبار محليةأخبار وطنية - دولية

تاريخ الإدارة بالمغرب وإشكالية تدبير الصالح العام: تأملات في سبب جوهري من أسباب الواقع الإداري الحالي

ميديا كوم ... جريدة إلكترونية ... شاملة - MEDIA COM ميديا كوم ... جريدة إلكترونية ... شاملة -  MEDIA COM

الجلالي شبيه
أود في البداية رسم الاتجاه العام لهذه الدراسة، ورصد أدهانكم لمضمونها، لأنني سأعرض عليكم في مقاربة علمية إيكونوكلاست أفكارا جديدة لتاريخ المغرب والإدارة المغربية·
إن المقاربة التاريخية العلمية الأركيولوجية للمؤسسات والوقائع الاجتماعية تكشف لنا الارتباط الوطيد بين الدين والساسة والقانون والإدارة· إن السياسة امتداد للدين، والقانون امتداد للسياسة، والإدارة امتداد للقانون، والسياسة قيادة وتدبير أمور الجماعة كيفما كانت طبيعة هذه القيادة، وأن القانون تنصيص وتجسيد للسلوكات السياسية، كيفما كانت طبيعة هذه السلوك· وأن الإدارة أنشئت لتنفيذ هذا التنصيص، هذه النزوات أحيانا، مما يجعلها غير شفافة ومسرح علاقات السلطة· وضعت لتطبيق هذه القواعد، لاستهلاك هذه السلوكات، هذه المشاريع، هذه الأهداف· وقد تكون هذه الأهداف لغاية جماعة معينة: طائفية أو فئوية أو نخبوية أو جماعية مشتركة·
وتعتبر الإدارة، من هذا المنظور، مجموعة من الأجهزة والهيئات والموارد والمرافق والمصالح الهادفة لتطبيق القانون المتواجد ومخرجاته، الذي بدوره يهدف إلى تحقيق السياسة المتبعة والهوامش الإدارية المضافة إليها·
وتنطبق هذه النظرية كيفما كانت الفترة الزمنية أو الرقعة الجغرافية أو الطبيعة الثقافية التي وجدت أو توجد فيها هذه الإدارة، سواء اليوم أم غدا، سواء البارحة أم منذ عشرة آلاف سنة· إذن في كل حضارة كيفما كانت، هذه الحضارة، شرقية أم غربية، شمالية أم جنوبية، معاصرة أم قديمة، قدم التجمع الإنساني المنظم – منذ آلاف السنين، ترتكز بنيتها على نفس المعطيات·
وتطبع الإدارة عموما نفس الخاصيات، سواء أكانت هذه الإدارة في حضارة ما بين النهرين وذلك منذ عشرة آلاف سنة، أو في الصين منذ ثمانية آلاف سنة، أو في مصر القديمة ستة آلاف سنة، أوفي الفرص خمسة آلاف سنة، أو في الهند أربعة آلاف وخمس مئة سنة· ولوحظت كذلك نفس المميزات في ظل الحضارة الموريتانية (المغرب حاليا) منذ ثلاثة آلاف سنة، أو في الحضارة اليونانية ألفين وست مئة سنة، أو الحضارة الأمازيغية ألفين وأربع مئة سنة، أو الحضارة الرومانية ألفين وثلاث مئة سنة، أو في الحضارة الإسلامية، وذلك منذ بداية القرن السابع ميلادي (623) إلى مطلع القرن الخامس عشر· وبشكل عام، هناك مميزات مشتركة للإدارة، تاريخيا أو حاليا، من حيث التنظيم والسير والتمويل والقيادة···
إذن كل إدارة كيفما كانت طبيعتها، تاريخيا، في أعماق التاريخ، أو حاليا، في آخر صيحة في عالم الإعلاميات والمعلوميات، يمكن تحديدها من خلال الفلسفة التي تقوم عليها، نظاما وتنظيما، تمويلا واختصاصا، هدفا وإنجازا·
وكيفما كان هذا التنظيم بسيطا أم مركبا، اليوم أم البارحة، هنا أم هناك، وكيفما كان هذا الاختصاص، محدودا أم شاسعا، في خدمة الحاكم أم المحكوم، لهذه الوظيفية أم تلك، تربطه بأنظمة أخرى عناصر التشابه قد يكثر عددها أكثر مما يتصور· وكيفما كانت هذه الأهداف أساسية أم ثانوية، موضوعية أم إيديولوجية، خاصة أم عامة، نجد لها عوامل مشتركة· لكن إذا حاولنا التحديد أكثر وربط الإدارة والقانون الإداري بتاريخ المغرب، تاريخ المغرب العميق إلى الآن، فسيكون تحليلنا ومقاربتنا، كالتالي :
إن القانون هو مجموعة القواعد المنظمة للعلاقات الاجتماعية، والقانون الإداري، هو مجموعة القواعد المنظمة للعلاقات الإدارية، والإدارة، بالمفهومين العام والعمومي، هي كيفية تدبير وتسيير شؤون الجماعة، كيفما كانت···
وإذا حاولنا إعطاء الإدارة، موضوع دراستنا، تعريفا أو بالأحرى مفهوما ما فوق تاريخي، أي مفهوما ينطبق على تاريخ التجمع الإنساني المنظم بكامله : يمكن القول أن الإدارة مجموعة مرافق ومصالح واهتمامات وموارد بشرية ومادية وضعت لانجاز خدمات جماعية، مصلحية، أمنية، ضريبية، إيديولوجية، عمرانية، قضائية (قضاء عام أم خاص، قانون العين بالعين، أو قانون السن بالسن)، اقتصادية أو تربوية تعليمية···
وعلى هذا الأساس، ومن خلال هذا التعريف، تعريف صحيح وحقيقي للإدارة، تكون هذه الأخيرة، بهذا المفهوم، فوق تاريخية، وينطبق مفهومها على كل حقبة، وعلى كل شكل من أشكال الإدارة، وبالتالي تكون قديمة قدم التجمع الإنساني المنظم، قديمة قدم الجماعة نفسها· إذن فالتقسيم الذي نلاحظه في حقول المعرفة سواء داخل المغرب أو خارجه، عند الاقتصاديين مثلا، الذين يدعون أن الميركانتيلية (ارتكاز ثروة الأمم على تراكم الذخائر من المعادن الثمينة كالذهب والفضة)، بدأت في القرن السادس عشر (16)، هو تحديد تاريخي خاطئ، ينقصه التدقيق·
لأن في الواقع بدأت هذه الأنشطة الاقتصادية منذ القرن الخامس (5) قبل الميلاد، أي 2500 سنة، مع القرطاجيين، بدخولهم المغرب والبحث عن المعادن الثمينة في الأطلس وفي درعة وعن الميريكس (محارة) في الصويرة لاستغلالها وبناء اقتصادها وتسيير إدارتها على هذا الأساس·
نلاحظ كذلك عند أغلبية الفقهاء والأساتذة والباحثين، داخل المغرب أو خارجه، تقسيم تاريخ المغرب إلى ثلاثة مراحل لا أساس لها من الصحة، علميا، إذا تأملناها: مثل فترة قبل الحماية، وفترة الحماية، ومنذ الاستقلال· إن هذا التقسيم خاطئ، يمس البحث العلمي والأكاديمي في العديد من تشعباته وتخصصاته· لأن في تاريخ المغرب وتاريخ الإدارة بالمغرب، هناك متغيرات حسب هذه الحقب، صحيح، لكن الثوابت التي عبرت كل هذه الحقب أقوى بكثير من هذه المتغيرات، مثل طبيعة الحكم والإدارة والتسيير والأهداف المصلحية وتهميش الصالح العام جغرافيا واقتصاديا ومرفقيا وبشريا···
ونفس الشيء بالنسبة لبعض المواد والتفرعات القانونية مثل القانون الدستوري الذي، حسب هؤلاء، يبدأ مع الدستور البريطاني، في بداية القرن الثالث عشر (1215)، في حين أن أصل الدستور يرجع إلى 3730 سنة مع قانون حمو رابي، وإلى 3300 سنة مع قانون سيدنا موسى· بل أبعد من هاتين الحقبتين، يجب البحث عن هذا الأصل في نشوء ظاهرة السلطة ذاتها، من خلال هذه الثلاثية : السيادة – أساس القانون الدستوري – يليها الأمر بفعل الشيء أم تركه (عن طريف الوسيلة الإدارية)، ثم الطاعة من بعد ذلك (وإلا الجزاء الذي تمارسه الإدارة)، ويرجع عهد هذه الوقائع العمومية إلى ثلاثين (30) ألف سنة·
La souveraineté disait J. Freund, dans L’essence du politique, Paris, 2004, a toujours existé en fait partout où il y a eu commandement et obéissance.
وكذلك الأمر بالنسبة للقانون المالي الذي يبدأ، في رأي هؤلاء، مع الدولة الحارسة في أوربا في القرن الثامن عشر(18)· في حين أن المال العمومي أو المال الجماعي، بمفهومه الواسع، بدأ مع التجمع الإنساني المنظم (إشكالية التنظيم إشكالية إدارية مالية)، منذ أكثر من ثلاثين (30) ألف سنة· في الحقيقة، كل ما ينسب إلى الجماعة، كل ما يهم ساكنة بكاملها، يصبح في الواقع شأنا عموميا إداريا وماليا بالضرورة·
A la vérité, tout ce qui concerne une collectivité, tout ce qui concerne un peuple, un territoire, une organisation – donc une administration et des finances – devient par le fait même affaire publique.
ونفس الشيء بالنسبة للقانون الإداري الذي يبدأ حسب بعض المفكرين والأساتذة منذ بداية الحماية، وخصوصا منذ سنة 1913 مع ظهور التنظيم القضائي وقانون الالتزامات والعقود، هذا المنظور خاطئ كذلك· إن الإدارة الاجتماعية للطقوس الدينية والسحرية والأساطير أو العادات والأعراف والمعتقدات يرجع عهدها إلى عشرات الآلاف السنين منذ أن قامت الجماعة بشكلها المنظم الأولي، وذلك منذ عشرات الآلاف السنين، قامت حياتها – إدارتها وتدبيرها وصيرورتها – على ثلاثة وظائف أساسية : الوظيفة الدينية السياسية القانونية، أو الوظيفة التنظيمية، الوظيفة الأمنية الحربية، أو وظيفة الغزو والدفاع عن النفس، ووظيفة المعاشة، أو وظيفة المؤونة أو الزاد (النشل أو الافتراس أولا، ثم الإنتاج ثانيا، وإعادة الإنتاج فيما بعد)·
La société primaire assumait trois fonctions vitales : la fonction de souveraineté (le sacré, le politique et le juridique), la fonction guerrière (défense, lutte, attaque), la fonction de subsistance (prédation, d’abord, puis production ensuite, et reproduction après), G. Dumézil, L’idéologie tripartite des Indo-Européens, Bruxelles, 1958. Toutefois, cette triade a des origines très lointaines dans l’histoire de l’humanité. Elle remonte à des centaines de milliers, sinon à des millions d’années. Ses origines remontent à l’observation de l’univers par les peuples primaires et particulièrement l’observation de cette alternance fascinante des trois cieux : diurne, crépusculaire et nocturne. Il s’en était suivi par la suite la symbolique des couleurs que représentait cette alternance : le blanc (la paix) le rouge (la guerre) et le noir (la terre nourricière). Ce qui avait donné aussi par la suite : la souveraineté (commandement, obéissance), la sûreté (défense, justice, organisation de l’ordre), et la production (et la reproduction est le premier secteur économique, les autres secteurs arrivant progressivement).
إذن بناء على الدراسات التاريخية العلمية والحفريات والأبحاث الجيولوجية والأركيولوجية والباليوأنطولوجية، التي تربط المجتمعات بدون كتابة بمجتمعات الكتابة، والمصادر المادية بالمصادر النصية، والتاريخ القديم العتيق بالعصور الوسطى والحديثة، ارتأينا تقسيم دراسة تاريخ المغرب وبالتالي دراسة تاريخ الإدارة وتاريخ القانون الإداري والقضائي (الخاص والعام) إلى ثلاثة مراحل أساسية، لا نزاع فيها أو حولها، علميا·
1)- المرحلة العتيقة في تاريخ الإدارة بالمغرب : الدين قبل السياسة والقانون
2)- المرحلة الأصيلة في تاريخ الإدارة بالمغرب : السياسة والقانون قبل الدين
3)- المرحلة المعاصرة في تاريخ الإدارة بالمغرب : الأطماع الاقتصادية والمالية والتجارية قبل التنظيم والتسيير
On notera trois étapes intimement liées dans l’histoire du groupement humain et de l’organisation de la collectivité humaine : le sacré, le profane et le profit, ou la sacralisation, la désacralisation et la marchandisation. Et qui dit organisation dit forcément administration.
إنه لمن الصعب بمكان البحث عن أصل الأمور، إشكاليتها، نموها وتطورها، خلاف البحث عنها، وهي كاملة مكتملة، لأن المراجع والمجهودات وطرق البحث ليست متساوية·
1)- المرحلة العتيقة في تاريخ الإدارة بالمغرب: الدين قبل السياسة والقانون
تبتدئ هذه المرحلة منذ 700 آلاف سنة وتنتهي في القرن الثامن (8) ميلادي· وتنقسم هذه الحقبة بدورها إلى ثلاثة فترات : من 700 ألف سنة إلى 9 آلاف سنة، ومن 9 آلاف سنة إلى القرن الأول (1) ميلادي، ومن القرن الأول (1) إلى القرن الثامن (8) ميلادي·
أ)- ولادة المغرب الديمغرافية والاجتماعية : من 700 ألف سنة إلى 9 آلاف سنة·
اكتشفت وسائل جيولوجية وأركيولوجلية وباليوأنطولوجية للأنشطة الإنسانية اليومية مثل الصيد والقنص والقطف والعمران والأمن والدفاع والهجوم وطرق تنظيمها، قبل الحضارة الأمازيغية، أكدت وجود آثار للاستيطان وعلاقات اجتماعية أولية في مناطق من المغرب مثل أنفا الدار البيضاء حاليا منذ 000 700 سنة·
ثم استقرت شعوب فيما بعد منذ 30 ألف سنة في مناطق مثل بركان· وظهرت آثار متفرقة ومتباعدة تاريخيا للفلاحة والتدجين منذ 10 إلى 6 آلاف سنة في مناطق مثل السخيرات أولا ثم طنجة فيما بعد والعرائش وسهول الغرب ووليلي·
ظلت هذه الشعوب في المغرب حتى مجيء البرابرة الغفصيين، أجداد البرابرة الحاليين، منذ 9 آلاف سنة· هاجم الغفصيون هذه الشعوب، بعضها هلك وبعضها أدمج في الحضارة الأمازيغية·
ب)-ظهور القبائل البربرية، أو الأمازيغية، أولا، وولادة المملكة الموريتانية فيما بعد، ثانيا: من 000 9 سنة إلى بداية القرن الأول ميلادي
جاء الغفصيون، برابرة غفصة، من تونس إلى المغرب منذ 000 9 سنة· استغرق استيطان البرابرة في المغرب آلاف السنين، خصوصا في المناطق الجبلية، مثل الريف والأطلس، ومناطق أخرى نائية، بعيدا عن الغزو المتوقع مجيئه من الصحراء أو من الساحل المتوسطي·
تبنى البرابرة في هذه المناطق الجبلية على مر الأعوام والقرون طرقا في العيش تليق بهذه المناطق الوعرة من حيث العمران والفلاحة والرعي والحياكة والتجارة والتنظيم الاجتماعي والأمني· وتميزت هذه الحقبة كذلك، وذلك منذ ألف ومائتي سنة قبل الميلاد (1200) إلى أربعة مئة سنة (400) قبل الميلاد بالغزوات الأجنبية الفينيقية والقرطاجية التي تعاقبت على المغرب حتى دخول الرومان في بداية القرن الأول ميلادي·
تميزت هذه الحقبة بحكم الإمارة الموريتانية، إسم أعطاه الرومان للمغرب في القرن الأول ميلادي، منذ أربعة مئة (400) سنة قبل الميلاد· وظهر آنذاك أول نظام وتنظيم سياسي وإداري مستقل بالمغرب· ظهر أول تنظيم سياسي وإداري داخلي مستقل في المغرب، مع الإمارة الموريتانية، منذ ألفين وأربعة مئة سنة (2400)، نتيجة تنظيم فيدرالي للقبائل الأمازيغية متأثرة في ذلك بالقيم الفينيقية والقرطاجية للدولة الوحيدة·
كان الفينيقيون في مناطق فلسطين ولبنان وسوريا حاليا منذ خمسة (5) آلاف سنة· والقرطاجيون مستعمرون فينيقيون أسسوا قرطاجة في تونس حاليا منذ حوالي 3 آلاف سنة· وقد اشتهر هؤلاء بالتجارة والتجارة البحرية والبحث عن المعادن·
أقام الفينيقيون منذ أكثر من 3 آلاف سنة على السواحل المتوسطية والأطلسية مستوطنات تجارية في مليلية وطنجة والعرائش والدار البيضاء ومهدية وأزمور والداخلة·
واستقر القرطاجيون في مناطق من المغرب مثل الأطلس والصويرة ودرعة منذ 2600 سنة، أو ست مئة (600) سنة قبل الميلاد· وكانت الأنشطة الاقتصادية الأساسية لهؤلاء الشعوب، سواء القرطاجيين أو الفينيقيين، التجارة والمعادن·
ظهرت في هذه الفترة منذ ستة قرون قبل الميلاد حتى القرن الأول ميلادي، أنظمة قوية ومركبة، بل نمت وتطورت أكثر فأكثر، خصوصا منذ خمس مئة سنة (500) قبل الميلاد حتى الاحتلال الروماني في بداية القرن الأول ميلادي·
تطورت الفلاحة والتجارة والبحث عن المعادن الثمينة وصناعة الصباغة والخشب وانفردت مدن بأنشطتها الاقتصادية المتنوعة مثل طنجة والصويرة والعرائش ومهدية وسلا وأزمور ووليلي والقصر الكبير· وقد كان من طبيعة الحال لتعاقب مختلف الحضارات على المغرب خصوصا الحضارة الفينيقية القرطاجية، تأثير في التنظيم المركزي البربري أو الأمازيغي حول الملك باسم أكليد وعلى مستوى القبيلة زعيم باسم أمغار· كانت هذه السلطات المركزية والمحلية (أكليد، أمغار···) تتمتع باختصاصات سياسية وإدارية وقضائية، تمارسها استنادا على الجماعة وأعيان الجماعة في القبيلة أو على مستوى مجموعة قبائل·
وظهرت المرافق الإدارية الأولية باكرا: سواء في المجال الفلاحي مثل تنظيم الزراعة والرعي والري والحصاد وخزن الحبوب، أو في مجال استغلال الغابة، الاستغلال الصناعي كالخشب أو المنزلي كالحطب- سواء في المجال الأمني والقضائي الجماعيين، نظام وتنظيم الجيوش والقراصنة، والقضاء التوافقي الجماعي، الذي كان مصدره الجماعة·
أو تجلت في مرافق ذات طابع ضريبي مصدره الغزو والابتزاز أو الفلاحة والتجارة، أو في مجال العمران والتعمير والمآثر الرسمية، أو في إطار العادات والتقاليد الدينية والجنائزية وكيفية دفن الموتى··· وكانت اللغة الرسمية المستعملة آنذاك اللغة الفينيقية القرطاجية· كانت تستعمل هذه اللغة في الوثائق الإدارية والنشاط الإداري، وفي العلاقات الدبلوماسية وفي المعاملات الرسمية·
ج)- موريتانيا التنجتانية، مستعمرة رومانية بيزنطية : من بداية القرن الأول ميلادي إلى القرن الثامن (8) ميلادي
استولى الرومان على موريتانيا، كحماية أولا، منذ 25 قبل الميلاد، واستعمارا ثانيا، منذ 40 ميلادية، بعد أربع سنوات من الحرب ضد البرابرة، أو الأمازيغ بالمفهوم الحالي، بقيادة أيدمون (ثائر مغربي)· أثرت سلبا على المستعمر وتم بعدها تقسيم المنطقة إلى إقليمين: موريتانيا التنجتانية (شمال المغرب) وموريتانيا القيصرية (شمال الجزائر)· وفتحت هيمنة المستعمر الروماني المنطقة خلال القرون الثلاثة الأولى ميلادية للتجارة والأسواق المتوسطية والتصدير· وباستثناء بعد المراكز الصغيرة لم ينشأ الرومانيون أدنى مدينة من المدن المغربية الموجودة أنداك·
انسحب الرومان من جل المدن المغربية تدريجيا باستثناء الرباط والصويرة (موكادور) منذ أواخر القرن الثالث ميلادي ومنذ بداية القرن الخامس لم تبق للرومان سوى مستعمرة سبتة·
تطورت الفلاحة وكثر الإنتاج، قبل الاحتلال الروماني وخلاله، مثل الحبوب والفواكه وزيوت الزيتون، تم استغلال الغابات من الخشب وتصديره عبر موانئ طنجة والقنيطرة وسلا التي عرفت أنشطة تجارية وتنظيمية هائلة·
أما الوندال، الجرمانيون، القرن الخامس والسادس ميلادي (429-533)، كانوا مخربين أكثر منه حضاريين، لم يتركوا وراءهم شيئا ذا قيمة حضارية يذكر· وجاء من بعدهم، منذ العقود الأولى من القرن السادس ميلادي، البيزنطيون، أي الرومانيون الشرقيون (534-738) الذين اتخذوا قرطاجة (تونس حاليا) عاصمة لهم وقامت السلطة المقيمة في المغرب حينئذ، خاصة في الشمال، بتنظيم المنطقة (طنجة، سبتة والعرائش) إداريا، اقتصاديا وديموغرافيا، ولما أتى الغزو العربي الإسلامي وجد تعايش شعوبا مختلفة : برابرة (أو أمازيغ بالمفهوم الحالي) صحراويين من تافيلالت وموريتانيا وعبريين ومسيحيين·
2)- المرحلة الأصيلة في تاريخ الإدارة بالمغرب: السياسة والقانون قبل الدين
بدأت هذه المرحلة مع نهاية القرن الثامن (8) ميلادي إلى القرن التاسع عشر (19)، والدول التي حكمت خلال هذه الحقبة من الزمن هي الدول الإسلامية·
أ)- حكم وتعاقب الدول أو نظام الدولة-الأمة
تولى الحكم في بلاد المغرب خلال هذه الحقبة الأدارسة من القرن الثامن إلى العاشر ميلادي (789-985)، والمرابطون من القرن الحادي عشر ميلادي إلى الثاني عشر(1060-1147)، والموحدون من القرن الثاني عشر إلى الثالث عشر (1147-1269)، والمرينيون من القرن الثالث عشر إلى الخامس عشر (1269-1465)، والوطاسيون من القرن الخامس عشر إلى القرن السادس عشر (1471-1554)، والسعديون من القرن السادس عشر إلى السابع عشر (1554-1659)، والعلويون من أواسط القرن السابع عشر (1664) إلى اليوم· تميزت هذه المرحلة بكونها احتضنت تعاقب دول-أمم عكس المرحلة الأولى التي شاهدت مدن-دول أو مستعمرات تجارية·
Des grand Etats-nations, comme les Idrissides, les Almoravides, les Almohades, les Mérinides, les Wattassides, les Saâdiens et les Alaouites, avaient remplacé des Cités-Etats. Néanmoins, celles-ci n’avaient pas compétemment disparu, elles ont persisté dans les contrées où le pouvoir de l’Etat-nation était plus faible.
احتضنت المرحلة العتيقة ألف ومائتي سنة (1200) قبل الميلاد إلى القرن الثامن (8) ميلادي بالتتابع، مستعمرات فينيقية (العرائش، الصويرة) وقرطاجية (وليلي) ومدن-دول مثل الإمارة الموريتانية الأمازيغية ومستعمرات رومانية مثل موريتانيا التنجتانية·
Des Cités-Etats ou des Provinces annexées à d’autres Etats ou empires étrangers qui s’étaient succédés sur la Mauritanie : Phénicie-Carthage, Rome- wisigoths, Vandales, Byzance (Rome orientale).
تعاقبت خلال المرحلة الأصيلة، من القرن الثامن (8) ميلادي إلى القرن التاسع عشر (19)، دول-أمم مثل الإدريسيين والمرابطين والموحدين والمرينيين والوطاسيين والسعديين والعلويين· شاهدت هذه الحقبة كذلك مدن-دول بعضها عبر واندثر مثل إمارة نيكور(منتصف القرن الثامن ميلادي) ومغراوة (بداية القرن الحادي عشر) وأحفاد الأدارسة (الربع الثالث من القرن الخامس عشر) وبعضها استمر واستقر مثل إمارة بورغواطة وسجلماسة·
ب)- حكم الإمارات أو نظام المدينة-السلالة
كانت إمارة نيكور أول إمارة إسلامية، اعتنقت المذهب السني، أسست سنة 744 في الريف بمنطقة تمسمان لكن لم تعمر طويلا· وحكمت إمارة الأدارسة بضعة سنوات من 1465 إلى 1471 في فاس وتزعمها الشريف محمد بن علي العمراني الجوطي ونصب نفسه سلطانا على المنطقة·
واستولت إمارة مغراوة على شمال ووسط المغرب من 1001 إلى 1039· وعاشت إمارة بورغواطة عمرا طويلا، حيث سيطرت، خلال أربعة قرون، من 744 إلى 1058، على الساحل الأطلسي بين أسفي وسلا، وتكونت من فيدرالية 29 قبيلة، من قبائل مصمودة· وحكمت بنظام ملكي ثيوقراطي خوارجي، حيث كانت من الخوارج· وكانت لها علاقات دبلوماسية وتجارية مهمة مع الخلافة الأموية في قرطبة، إلى أن استولى عليها المرابطون في 1058·
وسيطرت إمارة سجلماسة منذ 758 على أرض الريصاني حاليا قرب الراشدية· أسست من طرف الزناتيين وتميزت كذلك بنظام (وتنظيم) ملكي ثيوقراطي خوارجي أولا وسني فيما بعد منذ 883 ميلادية· كانت إمارة سجلماسة ذات بنية قبلية فيدرالية، اشتهرت بالتجارة ووصلت أوجها في القرن التاسع (9) ميلادي بسبب التجارة في المعادن الثمينة، واستولى عليها المرابطون سنة 1055·
ثلاثة محددات أساسية ميزت هذه المرحلة: أولا، أصبح الحكم السائد خلال هذه الفترة لا يكتفي بجهة معينة (مدينة-دولة) بل كانت الطموحات شمولية جغرافيا (دولة-أمة): دينيا وسياسيا وإداريا· ثانيا، تميزت هذه الحقبة بالاستمرارية والشمولية وطول المدة الزمنية: أي نفس التوجه بالنسبة لجميع الدول التي تعاقبت على المغرب في هذه الفترة من حيث الدين والسياسة والإدارة· ثالثا، إن جميع هذه الدول التي تعاقبت على الحكم في المغرب خلال هذه الفترة تشكل وحدة متجانسة نشأت وترعرعت ثم تهاوت· وبالتالي فهذه المرحلة من تاريخ المغرب تصدق عليها بحق النظرية الخلدونية·
ج)- النظرية الخلدونية ونشوء، نمو وانهيار الدولة
تقول النظرية الخلدونية القرن 14 ( مقدمة ابن خلدون 1332- 1406) تنشأ الدولة بالعصبية تنمو وتتقوى بالسلوك الشرعية (الإدارة) وتنهار بالبذخ والمجون والتبذير، أي التدبير السيئ ( السياسة والإدارة)· يصلح هذا التحليل على كل دولة على حدة·
بالنسبة لي أرى، وهذا هو الجديد، هذا ما أضيفه بكل تواضع للنظرية، أن النظرية الخلدونية تصدق على كل هذه المرحلة، كوحدة، كدولة واحدة : نشأت الدولة العربية الأمازيغية الإسلامية مع الأدارسة (789-974). تأسست خلال هذه الفترة أول دولة مغربية مستقلة عن الأطماع الخارجية (العباسيون والفاطميون) وأنجزت مشاريع معمارية هائلة (مسجد وجامعة القرويين، مسجد الأندلس···) إنشاء المؤسسات وتنظيم الأمن والإدارة والعدالة، والتقطيع الترابي الجهوي··· نمت وعظمت الدولة العربية الأمازيغية الإسلامية مع المرابطين (1055- 1147) والموحدين (1147- 1269) والمرينيين (1269-1554) والسعديين (1554- 1659) والعلويين من منتصف القرن 17 إلى 19.
لكن فترة الحكم لكل دولة من هذه الدول لم تكن من بدايتها إلى نهايتها فترة قوة وتنظيم وخير وازدهار بل كلها في أواخرها أصابها الضعف والتشرذم ثم الانهيار·
وأسوء الحالات كانت في أواخر الدولة الإدريسية، بسبب الصراع على الحكم والحروب الأهلية (974- 1055) وفي عهد المرينيين، مع حكومة الوزراء الوطاسيين الخائنين (1471- 1554) الذين، في عهدهم، استولى البرتغال والإسبان على كل المدن الساحلية، وعمت الفوضى في القرن 19 بسبب ضعف المخزن وتقوت السلطات المحلية وانقسم المغرب إلى منطقتين ومملكتين فاس ومراكش·
لأن جميع هذه الدول، بدون استثناء، لم يكن هدفها الأول الحفاظ على استمرارية الدولة ككيان سياسي واقتصادي وإداري وعسكري قائم الذات، بل كانت كلما كبرت وعظمت وبلغت أوجها انشغلت في البذخ والمجون والتبذير وكأنها وصلت غايتها·
ضعفت فتمزقت ثم تهاوت الدولة العربية الأمازيغية الإسلامية منذ منتصف القرن 19 بسبب غياب الوعي بالمصلحة العامة والانشقاقات والتوترات الداخلية، إضافة إلى الأطماع والشراسة الاستعمارية الخارجية· وضعفت فتمزقت ثم تهاوت معها السياسة والإدارة والاقتصاد والمال·
3)- المرحلة المعاصرة في تاريخ الإدارة بالمغرب، الأطماع الاقتصادية والمالية والتجارية قبل التنظيم والتسيير: من القرن 19 إلى الربع الأول من القرن 21
بدأت هذه المرحلة مع منتصف القرن التاسع عشر (19) إلى يومنا هذا، وقد تستمر بعيدا جدا مستقبلا، بدأت مع الأطماع الأوروبية والاحتلال ثم الاستغلال والاستقلال·
تنقسم هذه المرحلة بدورها إلى ثلاثة فترات وترتكز معايير التقسيم، في هذا الإطار، على الأسباب التالية: ما السبب في حدوث واقعة 1912 ؟ كيف ارتقينا إلى حالة 1956 ؟ وما السبب في اجتياز خطوة 2011 ؟
وبالتالي سيكون تصميم هذه المرحلة كالآتي :
– الأطماع الأوروبية الاستعمارية والاحتلال ثم الاستغلال
– الحركة الوطنية والاستقلال وأزمة الحكم
– الوعي الاجتماعي والربيع العربي (أو العاصفة العربية) والدستور
أ)- الأطماع الأوروبية الاستعمارية والاحتلال ثم الاستغلال
كل ما أنتج في مجال الإدارة والتنظيم الإداري والقضاء والقانون الإداري كان يصب في هذا الاتجاه الاستعماري· عرفت هذه الفترة عدة إنتاجات قانونية في مختلف المجالات حددت طبيعة الإدارة والتنظيم الإداري:
ظهرت هذه الأطماع الاستعمارية باحتلال الجزائر في 1830 ومساندة السلطان عبد الرحمان للأمير عبد القادر وهزيمة المغرب في إسلي عام 1844 ومعاهدة لآلة مغنية 1845 التي رسمت الحدود بين المغرب وفرنسا في الجزائر·
تم استيلاء إسبانيا على تطوان سنة 1860 ومعاهدة واد الرأس بين المغرب وإسبانيا سنة 1862 التي فرضت غرامات مالية باهظة على المغرب أديت بالليفر الإسترليني·
أقرضتها إياها بريطانيا مقابل احتلال الإدارة الجمركية واقتطاع قروضها بنفسها (الرأسمال والمنفعة)· وصدر مرسوم 1864 الذي فتح المغرب للتجارة الخارجية مما أدى إلى دخول العديد من التجار الأوروبيين إلى المغرب· وجاء مؤتمر مدريد سنة 1880 الذي جسد مقدما التقسيم المستقبلي للمغرب· ومنذ ذلك الحين أخذت بريطانيا وإسبانيا وفرنسا وألمانيا فيما بعد (1890) في المنافسات والتفاوضات لتملك المغرب وتوزيع الغنيمة·
استغل الحسن الأول (1873-1894) هذا التنافس لتأخير الاستعمار لكن القروض الباهظة بعملة صعبة (ليفر الإسترليني) التي اقترضها المغرب من الخارج أتت على ما تبقى من اقتصاده وماليته وإدارته وسيادته·
وجاءت معاهدة الجزيرة الخضراء في أبريل 1906 التي وضعت المغرب تحت وصاية القوات الاستعمارية الأوروبية وتم، بعض التفاوض، تقطيع المغرب إلى ثلاثة مناطق : طنجة تدبير وإدارة دولية، الشمال والجنوب، احتلال واستغلال وإدارة إسبانية، الداخل، احتلال واستغلال وإدارة فرنسية·
وكان تدبير المغرب والتنظيم الإداري خلال هذه الفترة يختلف حسب هذه المناطق الثلاث· أصبحت طنجة تدبيرا وإدارة ذات طابع دولي (منذ 1925)، بعدما كانت تنظيما دبلوماسيا منذ 1908· وكانا الشمال والجنوب خاضعين للنظام الإداري الإسباني مع هذه الخصوصية وجوده على التراب المغربي وكياناته المحلية والمركزية·
وكان داخل المغرب الاحتلال الفرنسي الذي فرض هو الآخر نظامه الإداري المركزي مع خصوصيات البلد المحتل: رقابة فرنسية وسلطات إدارية تنفيذية محلية أولا، ثم إدارة فرنسية مباشرة منذ الثلاثينات·
وجميع القوانين التي صدرت في هذه الفترة لتنظيم الإدارة، وهي كثيرة، سواء تعلق الأمر بالقضاء، بالالتزامات والعقود أو التحفيظ العقاري (1913) أو تحصيل الديون العمومية (1924) أو نزع الملكية (1914) أو إنشاء المحاكم (1914 و1944 و1954) تصب في هذا الاتجاه الاستعماري، ويجب فهمها وتفسيرها من هذه الزاوية·
ب)- الحركة الوطنية والاستقلال وأزمة الحكم
كل ما جاء خلال هذه الفترة، خصوصا خلال أزمة الحكم، من قوانين وإصلاحات وتعديلات ومؤسسات في المجال الإداري والتنظيم الإداري والقضاء الإداري ينصهر في هذا التعثر، ينصب في هذا السياق المتعثر·
تأججت النزعة الوطنية، ثم الحركة الوطنية، وتقوت المعارضة، وبدأت المقاومة في الجبال وفي المدن بزعامة شخصيات تاريخية بارزة من أمثال محمد بن عبد الكريم الخطابي وموحى وحمو الزياني وأحمد الهيبة وعسو وباسلام وعلال بن عبد الله وحمان الفطواكي ومحمد بن المكي وأحمد الرشيدي وفاطمة بنت علال وآمنة البرحيلية وأم الفاضل بنت السيداتو وآخرون· شنت حرب الريف بقيادة عبد الكريم الخطابي من 1921 إلى 1926 بأنوال، وأصبح هذا الكيان خلال هذه الفترة نظام قائم الذات سياسيا وعسكريا وإداريا واقتصاديا·
وظهر منذ سنة 1925 (المذكرة الإحتجاجية بفاس)، ثم سنة 1926 (الرابطة المغربية) أول عمل سياسي منظم، لكن التشكيلة السياسية التي استمرت فيما بعد بدأت منذ 1930 بزعامة علال الفاسي ومحمد حسن الوزاني – قبل أن ينشق إلى تيارين (1944 و1946) – ينادي بسقوط الإدارة المباشرة الفرنسية· ونشطت الحركة الوطنية وتقوت وساندتها دول ومنظمات وأحداث (الولايات المتحدة، الوحدة العربية، خطابات محمد الخامس 1947 و1952، وأحداث الدار البيضاء 1952، خلع محمد الخامس 1953، عودته 1955، انهزام فرنسا في لاندوشين سنة 1954، والانتفاضة الجزائرية سنة 1654)، كل هذه العوامل مجتمعة أرغمت الحكومة الفرنسية على اللجوء إلى حل سياسي· وكان الاستقلال سنة 1956· تداخلت كذلك خلال هذه الفترة عدة عوامل سياسية ونقابية، واجتماعية، وعسكرية، وحربية، وكان لها تأثير بالغ في كل ما جاء من إنتاج قانوني ومؤسساتي على المستوى الإداري، إدارة، وتنظيما وقانونا وقضاء: إنشاء قوانين ومحاكم ومؤسسات إدارية، من 1956 إلى 1999·
ج)-الوعي الاجتماعي والربيع العربي (أو العاصفة العربية) والدستور الحالي يوليوز 2011
المنحى الذي اتخذته هذه الفترة، والذي شرعت في تأسيسه السلطات التمركزية والمركزية ما بين 2000 و2004، هو منعرج أو التفاتة إلى اتجاه آخر أو موقف يحاول الاستجابة، لا أقل ولا أكثر، لتطلعات وطموحات المواطنين أو المدارين أو المتقاضين المطالبين بجودة القيادة والإدارة والتسيير والتدبير والتقاضي···
وميز الدستور بين السلطات العمومية (الملك، البرلمان، الحكومة)، واختص المجال التنظيمي بالمواد التي لا يشملها اختصاص القانون، وأصبحت السلطة التنظيمية في يد الحكومة – السلطة التنفيذية، أو الجانب التنظيمي في يد السلطة التنفيذية·
ونال القضاء نسبة من الاستقلالية· وصارت الهيئات القضائية بجميع أنواعها: مدنية، جنائية، إدارية، اجتماعية، ابتدائية، استئناف، أو نقض، في نفس الاتجاه· وأخذت في الدفاع عن حقوق المتقاضين، شيئا فشيئا، وإن كان هذا الدفاع، للأسف، يطغى عليه، في أغلب الأحيان، الطابع المصلحي أكثر من العدالة بكثير·
وأصبحت الإدارة والتنظيم الإداري وحقوق المدارين، منذ ذلك الحين، وخاصة منذ 2004، تتأرجح بين هذه المؤسسات الأربعة، التي تتمتع بسلطات قوية، لكن جد متباينة· فالإدارة التمركزية، تديرها المؤسسة الملكية، وتشكل 51 بالمئة من مجموع التنظيم الإداري، والإدارة المركزية، تستغلها الحكومة، وتمثل 29 بالمئة من التدبير الإداري، والإدارة اللاتمركزية، يحتكرها رجال السلطة، على المستوى الترابي، (الولاة والعمال والباشاوات والقياد ورؤساء المصالح)، بنسب متفاوتة مجموعها 12 بالمئة من التدبير الإداري، والإدارة اللامركزية، تمثلها الجماعات الترابية، وتشكل 8 بالمئة من التنظيم الإداري·
الجلالي شبيه – أستاذ التعليم العالي في القانون بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بجامعة القاضي عياض – مراكش – المغرب

اظهر المزيد

تعليق واحد

  1. المرجو تغيير هذا الخطأ المطبعي- النقطة ب في المرحلة الثانية – الانتفاضة الجزائرية سنة 1954 وليس 1654 وشكرا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock